Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 179-179)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ } يبرك { المُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ } لام الجحود زائدة لتأكيد النفى أى ما كان شأن الله ترك المؤمنين ، أو ما كان الله ذا ترك للمؤمنين ، أو تاركا ، أو للتقوية ، أى ما كان الله مريداً لتركهم على ما أنتم عليه من التباس المنافق المخلص ، وجريان أحكام الإيمان عليه ، وزعم الكوفيون أنها زائدة ناصبة للمضارع ، ولا تقدر أن ولا المصدر ولا حذف ، والجملة خبر كان ، والخطاب كما رأيت للمؤمنين والمنافقين والمرتابين ، وقيل للمؤمنين ، وقيل للمنافقين والمرتابين ، وفى الآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ووعد لهم ، ووعيد لغيرهم { حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ } المنافق لخبثه اعتقاداً وفعلا { مِنَ الطَّيِِّبِ } المخلص اعتقاداً وفعلا وقولا ، ومعنى الغاية أن الله تعالى يفعل التخليص بينهم حتى يتبين لكم ، وذلك التمييز إنما هو بعدم تحمل المشاق وبذل الأموال فى سبيل الله ، وبرجوعهم عن أحد وإبائهم من الخروج إلى قتال أبى سفيان حين رجع من أحد ومن الخروج قابلا إلى بدر الصغرى ، وما ينفلت أحياناً منهم من كلمات الكفر وترك الفرائض ، وقولهم ، لو كان رسولا لم تصبه هذه المكارة ، ونحو ذلك ، لا بأن يقول فلان من أهل الجنة وفلان منافق من أهل النار ، فإنما هو للأنبياء لا للعامة كما قال الله جل وعلا { وَمَا كَانَ اللهُ ليُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ } أن فلانا وفلانا منافقون ويخبر الله نبيه بهذا كغيره من الغيب ، فيسره فى حذيفة رضى الله عنه كماقال { وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِى } يختار { مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } كما اجتبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بهم بأعيانهم لا بوصفهم فقط ، وروى أن الكفار قالوا : إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر ، وقال صلى الله عليه وسلم : " عرضتْ علىَّ أمتى وأعلمتُ من يؤمن بى ومن يكفر ، كما عرضت على آدم ذريته " ، فقال المنافقون : إنه يزعم أنه يعرف من يؤمن ومن يكفر ، ونحن معه ولا يعرفنا ، فنزل وما كان الله ليطلعكم على الغيب ، ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء ، وقيل قالت قريش يزعم محمد أنه يعلم من يؤمن ويكون فى رضى الله فى الجنة ومن يكون بعكس ذلك فليخبرنا بهم ، فنزلت ، فلت : لعلها نزلت فى ذلك كله { فَأمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ } بإخلاص وجزم ، ولا تتوقفوا إلى أن يعلم الغيب ، فإنه ليس يعلم كل غيب ، وقد أعلمه من يؤمن ومن يكفر ، وبأن تعلموا أنه لا يعرف الغيب إلا من عرفه الله إياه ، واجتباه لذلك من الأنبياء { وَإن تُؤْمِنُوا } إيماناً خالصاً { وَتَتَّقُوا } ما فيكم من الكفر والعقاق ، والخطاب فى المواضع الثلاثة يقوى أن الخطاب فى قوله عز وجل : ما أنتم عليه للمنافقين والمرتابين { فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } لا يعلم قدره إلا الله .