Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 183-184)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ قَالُوا } نعت للعبيد ، وهم كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، وحيى بن أخطب ، بالتصغير ، وفنحاص ، وزيد بن التابوت ، ووهب بن يهوذا ، أى العبيد القائلين { إنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنَا } أمرنا فى التوراة { أَلاّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَآنٍ } شاة ، أو بعير ، أو بقرة بعد ذبح ، أو غير ذلك من المال مما لا يذبح ، والآية تتضمن تعذيب هؤلاء ، ومصرحه بأن تعذيبهم ليس ظلما ، وهذا على النعت أوالبيان أو البدل ، وقيل تم الكلام فى للعبيد ، واستأنف الذين على الذم أى قبح الله الذين ، أو لعن الذين قالوا لهم من العذاب ما لا يفى كلام به أو أخبر عنهم بالإنشاء على تقدير الرابط ، قل لهم قد جاءكم الخ ، أو ينصب على الاشتغال أى ذكر الذين أو نبه الذين { تَأْكُلُهُ النَّارُ } نازلة من السماء ، بعد دعاء النبى فى نزولها وأكلها ، فإذا نزلت وأكلت القربان صار ذلك معجزة له ، وذلك كذب منهم ، لأن الله عز وجل لم يحصر المعجزة فى ذلك بل إنما كان موجباً لإيمان لأنه معجزة ، فكل معجزة كذلك ، وسمى إحراق القربان أكلا لجامع مطلق إتلاف الصورى ، ويروى عن عطاء ، أنه كانت بنو إسرائيل يذبحون لله ، فيأخذون القرابين فيضعونها وسط البيت ، والسقف مكشوف ، فيقوم النبى فى البيت يناجى ربه ، وبنو إسرائيل خارجون واقفون حول البيت ، فتتنزل نار بيضاء لا دخان لها ، لها دوى فتأكلها وتحرقها ، وإن لم تقبل لم تنزل النار ، وظاهر كلام بعض ، أنها تنزل ولا تأكله والله أعلم ، وزعم بعض كالسدى أن شرط أكل النار القربان صحيح لكن مخصوص بمن قبل عيسى فى التوراة ، ولم يصح هذا بل المشروط المعجرة مطلقا ، وقيل أتى هؤلاء المذكورون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : أمرنا فى التوراة أن لا نؤمن إلا لمن أتى بقربان تأكله النار ، فإن فعلت آمنا بك ، فنزلت ، وفى الآية بلاغة ، لأنها أخبرت أن الله ليس ظالما لكعب بن الأشرف ومن معه فى عذابهم العظيم ، من غير أن يتقدم ، أن لهم عذاباً ، بل فاجأت بذلك الإخبار المرتب على أن لهم عذاباً { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ } كثيرة عظام { مِن قَبْلِى بِالبَيِّنَاتِ } المعجزات { وَبِالَّذِى قُلْتُمْ } من أكل النار القربان ، وسائر ما تقترحونه عليهم { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ } كزكريا ، ويحيى ، والسبعين المقتولين فى يوم واحد { إن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فى دعواكم أن توقفكم عن الإيمان انتظار للبيان ، لم تكتفوا بالكفر بهم ، مع المعجزات حتى قتلتموهم ، وسلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكذيب اليهود وقومه وغيرهم لهم بقوله : { فإِن كَذَّبُوكَ } وصيغة الشك تلويح ببعده لظهور الحجة مع وقوعه ، أو يبعد تأثير تكذيبهم فيك ، لعظم ثوابك على أن المعنى ، فإن أثر فيك تكذيبهم ، أى فإن كذبك اليهود وقومك وغيرهم فلا تحزن ، أَو فاصبر ، أو فلست بأول من كذب من الرسل { فَقَدْ كُذَّبَ } لأنه قد كذب { رُسُلٌ } كثيرة عظام فجملة قد كذب علة قامت مقام الجواب المحذوف كما رأيت ، ولك جعلها جوابا تحقيقا أى فقد كذب رسل من قبلك ، بتكذيبهم إياك ، أى فتكذيبهم تكذيب برسل من قبلك مثبتين لرسالتك ، أو الجواب هو الجملة باعتبار لازمها فإنها بمعنى فتسل { مِنْ قَبْلِكَ جَآءُوا بِالبَيِّنَاتِ } المعجزات { وَالزُّبُرِ } الكتب التى فى الوعظ والحكم من الزبر بمعنى الزجر أو الكتابة ، { وَالْكِتَابِ المُنِيرِ } جنس الكتب التى فى الأحكام والحلال ، والحرام ، كالتوراة ، والإنجيل ، أو الزبر الصحف ، صحف إبراهيم ، وموسى ، والمنير الواضح كالنور ، أو الكتاب المنير القرآن جاءت بذكره الرسل ، أوجاءت بما فيه ، وقد قال الله عز وجل : { وإنه لفى زبر الأولين } [ الشعراء : 196 ] ، على وجه .