Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 191-191)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الَّذِينَ يَذَكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } هما جمعا قائم وقاعد ، أى قائمين وقاعدين ، وكائنين أو ممتدين ومضطجعين على جنوبهم اليمنى ، وهى أولى ، أو اليسرى ، ومثلها الظهور يستلقون عليها ، ويجوز دخولها فى الجنوب ، وعلى أن المراد بالجنوب الأطراف أو الجهات ، وكأنه قال ساقطين على الأرض ، والمذهب أن يمتد على يمينه ، وعليه الشافعى ، ودونه على يساره مستقبلا ، قال أبو حنيفة : على قفاه بحيث لو قعد لاستقبل . وعلى أن المراد إكثار الذكر على أى حال ، فكذر القيام والقعود الجنوب تمثيل لا تخصيص ، فدخل أيضاً السجود والركوع ، فإنه المتعارف ، وهو بين أنهما غير داخلين فى القيام والقعود ، وقيل المراد بالذكر ذكر الله بالقلب أو مع اللسان ، وصفاته وأفعاله ، والظاهر تلاوة القرآن والأذكار ، والمراد ما يشمل الصلاة وغيرها ، فتجوز صلاة النفل فى قعود أو اضطجاع للقادر على القيام ، وأما الفرض فلا إلا لغير القادر ، وفى الفرض جاء قوله صلى الله عليه وسلم لعمران ابن حصين : " صل قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطع فعلى جنبك تومىء ، إيماء " ، وفى النفل والقدرة جاء قوله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الرجل قاعداً نصف صلاته قائماً ، وصلاته مضطجعاً نصف صلاته قاعداً ، ومن لم يقدر لم ينقص أجره إذا صلى على الترتيب ، فرضا أو نفلا ، ولابد من الاستقبال بوجهه وجسده ، وإن استلقى فبحيث يكون لو قعد لكان مستقبلا " ، وفى حديث ابن عمر ، " فإن لم تستطع فعلى قفاك " ، وعن ابن عباس يصلون بحسب الطاعة والذكر باللسان والقلب معاً ، أو بالقلب وحده ، وأجمعوا أنه لا ثواب لذاكرغافل ، قلت ذلك على حسب طاقته مثل أن يستحضر قلبه فى الذكر ، ويفوته بعض آية أو غيرها ضرورة فله ثواب ذلك ، ولو غفل عنه لنيته وعدم قدرته ، وأرجو أكثر من ذلك أن يثاب على كل ما غفل عنه إذا نوى أن لا يغفل وجاهد نفسه فى الاستحضار ، وأما أن يهمل فلا ، وعد ابن جريح قراءة القرآن ذكراً ، فتجوز فى الاضطجاع وكرهها الشافعى إذا غطى رأسه للنوم ، وإنما خص الثلاثة فى الآية لأنها الغالب ، وذكر عبادة البدن بقوله يذكرون الله قياماً وقعوداً وعَلَى جنوبهم ، وعبادة القلب بقوله { وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } مصدر أى فى نفس الإيجاد أو بمعنى مفعول والإضافة على الأول للمفعول أى فى إنشائهما لما فيهما م العجائب وعلى الثانى بيانية ، أى فى المخلوق ، الذى هو السموات والأرض أو بمعنى فى أى وإنما يتفكرون فيما خلق فى السموات والأرض من أجزائهما وما حل فيهما ، وإنما يتفكرون استلالا عَلَى وجود الله وقدرته وحكمته ، قال صلى الله عليه وسلم : " تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق " ، أى لأنه لا يدرك بالتفكير فيه ، بل فى أفعاله ومخلوقاته ولأن التكفير فيه يؤدى إلى التشبيه ، وبعد ذلك ذكر الدعاء ، لأن الدعاء يستجاب بعد تقديم الوسيلة ، وهى إقامة وظائف العبودية من الذكر والفكر ، قال صلى الله عليه وسلم " لا عبادة كالتفكير " ، وذلك لأنه المخصوص بالقلب والمقصود من الخلق ، وعن ابن عباس ، تفكر ساعة خير من قيام ليلة ، وكذا عن أبى الدرداء ، وأخرج الديلمى عن أنس مرفوعاً ، وعن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم : " تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة " ، قالت أم الدرداء : أفضل عبادة أبى الدرداء التفكير ، وروى الديلمى عن أنس مرفوعاً : تفكر ساعة في اختلاف الليل والنهار خير من عبادة ثمانين سنة { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً } إلخ ، مفعول لحال محذوف ، أى قائلين ربنا ما خلقت هذا الخلق ، أى المخلوق او التفكر فيه ، والمعنى واحد ، وهو السماوات والأرض وأنت باطل ذو عبث ، أو ما خلقت هذا خلقاً باطلا عن الحكمة بل خلقته لحكمة النفع لخلقك والاستدلال بها ، وحكمة الإشارة أن يستحضر المخلوق المذكور ، فإن الكلام على المستحضر آكد منه على الغائب ، كقوله تعالى : خلقاً باطلا والباطل ما لا فائدة فيه ، أو فيه فائدة لا يعتد بها أو ما لا يقصد به فائدة { سُبْحَانَكَ } عن البطالة { فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } المستوجب له الإعراض عن آيات السماء والأرض كما دلت له الفاء ، قال صلى الله عليه وسلم : " بينما رجل مستلق على فراشه إذ رفع رأسه فنظر إلى السماء والنجوم ، فقال أشهد أنك رب وخالق ، اللهم اغفر لى ، فنظر الله إليه فغفر له " ، وهذا دليل واضح على شرف علم الكلام ، والفاء للمعطف على سبحانك باعتبار سبحانك تسبيحا ، عطف إنشاء على إخبار متضمن للإنشاء أو على محذوف أى نطيعك فقنا ، أو وفقنا فقنا ، أو رابطة لجواب شرط محذوف ، أى إذا نزهناك أو وحدناك فقنا .