Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 46-46)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ } فى زمان المهد قبل وقت الكلام ، وهو ما يوطأ للطفل ، وظاهر الآية أنه لم يرتفع عند الكلام ، لأن الفعل هنا للتكرير ، لا كما قيل ، إنه بعد ما تكلم ارتفع الكلام إلى وقته ، وعن ابن عباس تكلم ساعة فى المهد بقوله ، { إنى عبد الله آتانى الكتاب … } [ مريم : 30 ] الخ ، ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغ النطق ، وقالت مريم عليها السلام ، كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدثنى وحدثته ، وإذا شغلنى عنه إنسان سبَّح فى بطنى وأنا أسمع { وَكهْلاً } عطف على الحال قبله ، أى ثابتا فى المهد وكهلا ، وذلك بشارة بأنه يحيا ويكون كهلا ، وإعلان بأن كلامه لم يتغير ، بل هو حق ، وكلام أنبياء قبله فى حال مهده وحال كهولته ، ولو كان إلها كما تزعم النصارى لم يتغير من الصبا إلى الكهولة ، وأول الكهولة ثلاثون سنة ، أو اثنتان وثلاثون أو ثلاث وثلاثون ، بعث على رأس ثلاثين ، ومكث فى نبوته ثلاثين شهرا أو ثلاثين سنة { وَمِنَ الصَّالِحِينَ } وثابتا من الصالحين كإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى ، ولا شك أن الصلاح سبب لجميع مقامات الدين ومتقدم فى الوجود على النبوة ، ولذلك ذكره مع تقدم تلك الصفات ، أو المراد الكاملون فى الصلاح ، وأيضاً يقال ، لا مرتبة أعلى من كون المرء صالحاً ، لأنه لا يكون كذلك إلا إذا كان فى جميع الأفعال والتروك مواظبا عَلَى المنهج الأصلح ، فتناول جميع مقامات الدين اعتقادا ، قولا وعملا ، فلا يعترض بأن مقام النبوة أعظم فتغنى ، ولذلك قال سليمان بعد النبوة ، { وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين } [ النمل : 19 ] ، وبأن الصلاح أول درجات المؤمنين .