Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 30-30)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فأقِم وجْهَك للدَّين حنَيفاً } والفاءان عاطفتان ، والايتان تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإياس له من إيمانهم " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " فاشتغل بنفسك ومن تبعك ، ومعنى : ( أقم وجهك ) اقبل على دين الاسلام ، واثبت عليه ، ورتب اسبابه ، ولا تلتفت الى غيره ، كمن اهتم بشئ ، فلا يصرف وجهه ونظره عنه ، واللام للتعدية ، والملك او التعليل او بمعنى الى ، وحنيفا حال من ضمير اقم ، او من وجهك او الدين او للدين ، متعلق بحنيفا اى مائلا اليه ، معرضا عن غيره . { فِطْرة الله التَّى فَطَر النَّاسَ عَليْها } منصوب على الاغراء ، اى الزموا فطرة الله او مفعول لاتبعوا محذوفا ، ومنيبين حال من واو الزموا ، او واو اتبعوا ، او فطرة بدل من وجهك على معنى طريقتك ، او بيان له ولا يصح ان يكون بدلاً من حنيفا ، لان الحنيف وصف وقع حالا ، وفطرة مصدر ، والمعنى متغاير ، وهو فعلة من الفطر بمعنى الخلق ، وهو الابتداء والاختراع ، وفسره كثير بقابلية الحق والتهيؤ لإدراكه ، وفسروا لزومها او اتباعها بالجريان على مقتضاها ، وفسرها عبدالله بن المبارك بما خلق الله من السعادة والشقاوة ، فى حديث : " كل مولود يولد على الفطرة " والذي اقول به انها دين الاسلام التوحيد وتوابعه ، فعن انس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هى دين الإسلام " ومعنى فطرهم عليها خلق عقولهم قابلة لها ، لائقة ولو يعلم الناس الصبيان الكفر لم يكفروا بعد البلوغ ، بل يبلغون على الاسلام . وعنه صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل : إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم " روى البخارى ومسلم ، عن ابى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود يولد إلاَّ على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " كما تنتج البهيمة بهيمة جماء ، هل تحسون فيها ، جدعاء اى مقطوعة الاذن او الانف ، وذلك شامل للجن والانس ، ولا يشكل بالغلام الذي قتله الخضر عيله السلام ، وان فى كتفه مكتوبا هو كافر لاق معناه انه يكفر لو بلغ ، وقيل : هى اسلام يوم الست بربكم ، والمراد بالناس العموم ، ولا سيما على القول الاخير ، لا كما قيل المراد المؤمنون فى غير هذا الاخير . { لا تَبْديل الخَلْق الله } هو فطرة الله ، عبر عنها بخلق الله وضعا للظاهر موضع المضمر ، والمعنى ذلك بسنة الله عز وجل ، لا يبدلها بخلقهم ، او خلق بعضهم على الكفر ، لانه خلاف الحكمة ، والحكمة الاسلام ، او المعنى لا قدرة لاحد على ان تكون فطرتهم على الشرك ، وقيل : لا قدرة لمخلوق ان يجعل الناس غير مملوكين لله ، بل احرار لا يعبدونه مستقلون عنه ، كما زعم بعض الكاذبين ان العبد اذا بلغ الكمال فى العبادة سقطت عنه ، وقد أخطا فى بلوغ الكمال الكلى ، اذ لا يتصور ، بل كلما ازداد كما لا ازداد عبودية لازدياد نعم الله . { ذلك } الدين المذكور فى قوله سبحانه ، فأقم وجهك للدين او اللزوم او الاتباع المقدرين على فطرة ، اوالفطرة ، وعليه فاشارة المذكر لتذكير الخبر او التأويل بالاسلام { الدِّين القَيِّم } المستقيم الذى لا يخالطه سفه ولا مكروه ، ولا لهو او لعب وما لا فائدة فيه ، ولا معصية او كفر { ولكنَّ أكْثر النَّاس } من لدن آدم الى قيام الساعة ، وهكذا قلت حيث يصح فى القرآن ، ولم اذكره فان اكثر الناس كفرة ، وأهل التوحيد قليل مع ان منهم موفيا وغير موف ، والموفى قليل { لا يعْلمُون } ذلك فهم يصدون اولا علم لهم بشئ تحقيقا من الدين ، ولو علموه لجرهم الى الحق .