Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 37-38)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أو لَمْ يَروْا أنَّ الله يْبُسطُ الرزق } الم ينظروا ، ولم يشاهدوا ان الله يبسط الرزق { لمَن يشَاءُ } البسط له { ويقْدر } يضيق على من يشاء التضييق عليه مالهم لم يشكروا ، ويحتسبوا فى السراء والضراء كالمؤمنين ، وهذا هو المتبادر فى القرآن ، وهو أولى من ان فسر بانه يضيق على الانسان تارة ، ويبسط له أخرى ، او يبسط له رزقا من نوع ، ويضيق عليه من اخر { إنَّ في ذلك } المذكور من البسط والتضييق { لآيات لقِومٍ يُؤمنُون } بان الامر فى الرزق وغيره راجع الى حكمة الله لا الى قوة العبد وعجزه فى الكسب قيل : @ نكيد الاريب وطيب عيش الجاهل قد ارشداك الى حكيم كامل @@ وقيل : @ كم من اريب فهم قلبه مستكمل العقل مقل عديم ومن جهول مكثر ماله ذلك تقدير العزيز العليم @@ { فآت } يا محد صلى الله عليه وسلم ، واما غيره فتبع له ، وقال الحسن : الخطاب لكل سامع ، ويجوز ان يكون لمن بسط له الرزق ، ووجه التفريع بالفاء ان الرزق بمشيئة الله ، وكذا التضييق ، ولا ينقصه انفاق على ذى القربى وغيره ، ولا يزيده امساك فاغتنم الانفاق ، فان امتثال اوامر الله ، واجتناب نواهيه ميسر للبسط ، ومنه القناعة ، قيل : @ اذا جادت الدنيا عليك فجد بها على الناس طرا قبل ان تتفلت فلا الجود يفينها اذا هى اقبلت ولا الشح يبقيه اذا ما تولت او قل : على الناس طرا انها تتقلب وقل : ولا البخل يبقيها اذا هى تذهب @@ { ذا القربى حقَّه } صلة وصدقة وكفارة ، وما للضعفاء ، وما للاغنياء بحسب الامر { والمسْكِين وابن السَّبيل } ما لهم من ذلك ، وقيل : المراد بالحق الزكاة ، ورد بان السورة مكية ، والزكاة مدنية ، ودعوى ان الاية مدينة فى سورة مكية ، او مكية نزلت لما سيعرض فى المدينة من الزكاة ، خلاف الاصل ، وايضا لا نقل فى ذلك ، ولا حجة ، ويدل لذلك انه لم يذكر جميع اصحاب الزكاة المذكورين فى غير السورة قيل : ولو اريدت الزكاة لم يقدم ذو القربى ، وفيه انه لا بأس بتقديمهم فى اداء صاحب المال الفرض زيادة له فى ثوابه ، اذ فيه اداء فرض ، وصلة رحم ، وقيل : ذو القربى ، بنو هاشم ، وبنو المطلب ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والحق السهم الغنيمة ، والفئ . وعن ابى سعيد الخدرى : انه لما نزلت الاية اعطى صلى الله عليه وسلم فاطمة رضى الله عنها فدكا ، وينافيه ما روى : انها ادعت فدكا بعد موته صلى الله عليه وسلم بالارث ، وروى انها ادعت الهبة ، وشهد لها على والحسن والحسين وام ايمن ، وردت بحنو الزوج وابنيها عليها ، وانفراد ام ايمن ، قيل : فادعت الارث ، وردت بقوله صلى الله عليه وسلم : " إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " والصدقة لا تحل لآل النبى صلى الله عليه وسلم ، ولعل ذلك لا يصح عنها ، كيف تتلون فى الدعوى ، ولعلها قالت : ان لم تعطونى بالهبة فاعطونى بالارث ، ولكن هذا يحتاج الى ثبوت فدك ملكا له وحده صلى الله عليه وسلم ، ولعلها ادعت سهمه . وابن السبيل المنقطع عن ماله ضيفا او غير ضيف ، وقيل : الضيف فيحسن اليه حتى يرتحل ، وقيل : ثلاثة ايام انقطع عن ماله او لم ينقطع ، وقدم ذا القربى لعظم حق القرابة ، ولاسيما وقد اوجب ابو حنيفة انفاق القرابة مطلقا بهذه الآية ، وقيل عنه : القرابة بالمحارم ، وزعمت الشافعية انه لا نفقة بالقرابة الا على الولد والوالدين ، ومما يدل على زيادة حق القرابة انه اضف اليه الحق ولم يضفه الى ابن السبيل والمسكين ، ولا جمع الثلاثة بالاضافة بان يقول : فآت ذا القربى والمسكين وابن السبيل حقهم ، وقال : ( ذا القربى ) ولم يقل : ذا المسكنة ، لان القرابة لا تزول ولا تتجدد ، بخلاف المسكنة ، واما ابن السبيل فيكفى فى تحدده اضافته للسبيل . { ذلك } الايتاء { خيرٌ } منفعة ، فليس وصفا او افضل ، فهو وصف اسم تفضيل خارج عن بابه ، او افضل من الامساك ، فهو غير خارج وفى الامساك فضل بحسب الهوى ، وفضل الانفاق افضل منه { للَّذين يُريدون } بالايتاء { وجْه الله } يخلصون له تعالى ، لا يشوب ايتاءهم شئ ، ووجه الله جهة الله ، بمعنى جهة التقرب اليه تعالى { وأولئك هُم المفلحُون } لتحصيل النعيم الدائم بانفاق فان ، والحصر اضافى بالنسبة الى المسكين ، وهم على ان الذين لا ينفقون ، اى هم المفلحون لا الممسكون ، او حقيقى على ان الذين يريدون وجه الله بالايتاء قد اتوا بسائر الفرائض ايضا من اقامة الصلاة وغيرها .