Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 32-32)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذا غَشِيَهُم } علا أطرافهم فوق رؤسهم دون غرق ، أو كاد يغشاهم غشاء مهلكا فيغرقوا به ، او غشيهم اتاهم ، والهاء لمطلق راكبى الفلك ، وان عادت للمخاطبين قبل فعلى طريق الالتفات { مَوجٌ } ماء متحرك يتعالى بعضه على بعض { كالظُّلَلِ } جمع ظلة كغرفة وغرف ، وهى ما علاك ، ومن شانه ان يلقى عليك ظله كالظلة المعمولة للشمس ، او للمطر من السعف ، او من كتان او قطن او غيرهما ، وكالسحابة وكالجبل ، فمن الموج ما يعلوك فوق رأسك ، ومنه ما يعلو دون ذلك كالجبل يطول عليك { دعَوُا الله } وحده : يا ربنا نجنا من الغرق ، ولا يدعون آلهتهم كما قال : { مخلصين له الدِّين } العبادة او الدعاء . ففى حال الموج لا يعبدون غير الله ، ولا يذكرونه . { فلمَّا نَجَّاهُم إلى البرِّ } الجواب محذوف ، اى انقسموا قسمين دل عليه قوله : { فمنهم مقتصدٌ } وهذا اولى من قول ابن مالك بجواز اجابة لما بالجملة الاسمية المقرونة بالفاء ، وجعله منهم مقتصد جوابها ، وهذا قسم من القسمين ، والثانى محذوف دل عليه قوله تعالى : { وما يجحد بآياتنا إلاَّ كلُّ ختَّار كَفورٍ } اى فمنهم مقتصد ، ومنهم جاحد ، وما يجحد بآيتنا الا ختار كفور ، والمقتصد سالك القصد وهو الطريق فى الارض الذى لا عوج فيه ولا خشونة ، ولا معطل ، والمراد هنا التوحيد مجازا استعاريا ، والمراد مقيم على التوحيد الذى وحده فى الفلك ، واما لواحقه فمستتبعه بان يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتبعه فيثاب او متروكة فيعاقب ، وهو غير مشرك ان آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والا فمشرك ، او المراد يقتصد بعد الخروج من الفلك ، وتوحيده فيه بأن يؤدى الفرائض ، ويترك الحرام ، ويؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجوز تفسير الاقتصاد بالوفاء بمضمون ما قال فى الفلك ، سواء جعل على نفسه عهدا ام لم يجعل . ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة امر ان لا يقتل احد الا عكرمة بن ابى جهل ، وعبدالله بن خطل ، وقيس بن ضبابة ، وعبدالله ابن ابى رسح ، هرب عكرمة وركب البحر ، فاصابتهم ريح عاصفة ، فقال اهل السفينة : اخلصوا فان آلهتكم لا تغنى عنكم شيئا هنا ، توهموا انها قد تغنى فى غير البحر ، فقال : لئن لم ينجن فى البحر الا الاخلاص ما ينجنى فى البر غيره ، اللهم لك على عهد ان انجيتنى لآتين محمداً صلى الله عليه وسلم حتى أضع يدى فى يده ، فلأجدنه عفوا كريما فأسلم . او الاقتصاد التوسط فى الكفر ، لزوال بعض كفره بما شاهد ، او التوسط فى الاخلاص ، لان ما فى الخوف يكون عظيما ، واذا زال الخوف نقص . والختار الغدار ، وقيل اشد من الغدار المطلق كقولهم : لا تمد لنا شبرا من غدر الا مددناك باعا من ختر ، ويناسبه ان من معنى الختر الضعف ، فسمى ختارا لاجتهاده فى الغدر ، حتى يضعف ويتكسر ، ووجه الشدة ، قيل : ان كفره نقض للعهد الفطرى ، والظاهر ان وجهها نقض عهده الذى عهده فى الفلك ، او مع عهده الفطرى ، ولا فكل كافر ناقض للفطرى ، وكفور مبالغ فى كفر النعمة ضد شكور ، فهم مقابل له ، كما ان اختارا مقابل لصبار .