Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 6-7)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ومِن النَّاس } من للتبعيض ، وجعل بعضهم من التبعيضية اسما مضافا لما بعدها { من يشتري لهَو الحَديث ليُضِلَّ } غيره { عَن سبيل اللهِ } اى دين الله ، اى يثبته فى الضلال ، سواء كان فيه من قبل ، او يجره اليه والعطف على ما قبل ، كأنه قيل من الناس مهتد هاد ، ومنهم ضال مضل ، واللام للتعليل لا للعاقبة ، ولهو الحديث ما اشغل عن عبادة الله تعالى من التحدث ليلا او نهارا بما ليس طاعة ، ولا لفائدة مباحة ، ومن الاضاحيك والخرافات والغناء ونحو ذلك ، والنميمة والغيبة اذا لهى بهما تكفها ، وكالكلام فى المسجد ، قال صلى الله عليه وسلم : " الكلام في المسجد ، أي بغير ما لا بد منه ولا عبادة ، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب اليابس " ويروى كما تأكل الدابة الحشيش . وعن الضحاك لهو الحديث : الشرك ، وقيل السحر ، ولا يحسن هذان التفسيران ، والاخر ابعد ، والاشتراء الاختيار والاستبدال عن القرآن ، والذكر على سبيل الاستعارة ، وقيل الشراء حقيقة يشترى بماله عبدا يغنى له ، او امة آلة الغناء ، او يعطى الاجرة لمن يغنى ، اى يشترى آله لهو ، وهى الامة او البعد او المزمار ، ولا يمنع من كون الانسان آلة ، فصاحب الامة مثلا يتوصل بها الى حصول الغناء . روى ان النضر بن الحارث مغنية ، وكل من اراد الاسلام اتاها به ، وقال : غنى له واطعميه واسقيه ، وقال له : هذا خير لك من الصلاة والصوم والقتال بين يدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان يسافر الى فارس فيشترى كتب اخبار العجم ، فيحدث بها قريشا ، ويقول : محمد يحدثكم عن عاد وثمود ، واذا احدثكم بحديث رستم واسفنديار ، والأكاسرة فيميلون اليه عن استماع القرآن ، واشترى ابن اخطل جارية تغنى بالسب ، فنزلت الاية فيهما وفي امثالهما ، والجمع فى اولئك لهم عذاب مهين مناسب لتلك الجماعة ، بل لا ينافى فى الافراد كالنضر وحده او كابن اخطل وحده ، لان الله تعالى يشير فى القرآن الى النوع ، ولو لم يكن إلا فرد واحد منه ، وايضا لذلك الفرد جماعة تقبل قوله ، فهم مثله . وفى مسند البيهقى ، عن ابن مسعود اذا ركب الرجل الدابة ولم يسم ، ردفه شيطان فقال : تغنه ، وان لم يحسن قال : تمنه ، وسأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء اهو حرام ؟ فقال : انظر يا اخى اذا ميز الله تعالى الحق والباطل فى ايهما يكون ، وعنه : " لعن الله المغنى والمغنى له " وفى مسند ابى داود ، عن ابن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل " . وروى ابن ابى الدنيا ، وابن مردويه ، عن ابى امامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما رفع أحد صوته بغناء إلاَّ بعث الله إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان باعقابهما على صدره حتى يمسك " وروى ابن ماجه ، والترمذى ، والطبرى ، والطبرانى ، عن ابى امامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلمونهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام " ومثله عن عائشة ، وفى رواية الاستماع اليهن حرام ، وما لا يجوز يحرم الاستماع اليه وعن ابن مسعود : " والله ان لو الحديث هو الغناء " قال ثلاثا ، وعن مكحول : من اشترى امة للغناء ومات لم اصل عليه وقد يجوز للانسان ان يغنى بشعر وحده لازالة الوحشة ، قال عمر : اذا خلونا قلنا ما يقول الناس وقد تغنى بقوله : @ وكيف ثوائى بالمدينة بعد ما قضى وطرا منها جميل بن معمر @@ وهذا لغيره : وقيل اراد به جميل الجمحى ، وكان خاصا به ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يغتن بالقرآن " ومن معانى هذا : من لم يستغن بالقرآن عن غيره { بغَيْر عِلْمٍ } مع غير علم حال من الضمير فى يشترى ، او متعلق يشترى ، اى بغير علم بحال ما يشتريه انه لا ينفعه بل يضره ، او بغير علم بطريق التجر اذ باع نافعا بضر ، الهدى والضلال ، او متعلق بيضل ، اى جاهلا أن ما يدعو اليه رسول الله صلى عليه وسلم هو سبيل الله عز وجل ، او جاهلا انه يضل ، او جاهلا للحق { ويتخذها } اى السبيل عطف على يشترى { هُزوا } مهزوءا بها ، والسبيل يذكر ويؤنث ، { أولئكَ لَهُم عذابٌ مُهينٌ } لهم لأجل اتصافهم باهانة الحق ، وترغيب الناس فى خلافه ، وإشارة البعد لبعد مرتبتهم فى الضلال ، والجمع باعبتار معنى من بعد اعتبار لفظها بالافراد ، واعتبر لفظها فى قوله تعالى : { وإذا تُتْلى عليْه آياتنا } روعى لفظها ، ثم معناها ، ثم لفظها ، كقوله تعالى فى سورة الطلاق : { ومن يؤمن بالله } [ الطلاق : 11 ] الخ { ولَّى } اعرض عنها { مسْتكبراً } متكبر جدا { كأن } اى كأنه ، اى ذلك المستكبر ، او كأنه اى الشأن ، وقيل جوز ان لا يقدر ضمير { لم يَسْمعها } جملة كأن لم يسمعها حال من المستتر فى ولى ، او فى مستكبرا ، او مستأنفة عاب الله عليه لِمَ لَمْ يتأثر بسماعها ، مع عظم شأنها فى التأثير ، او اراد مطلق التشبيه . { كأن فى أذنيه وقر } صمما مانعا من السمع ، وذلك حقيقة بالشيوع ، واصله الحل الثقيل ، او فسره بثقل السمع لا بانتفائه البتة ، والأول اولى ، لان كفرهم كلى ، والجملة حال بعد حال مما مر ، او حال من المستتر فى يسمع ، او مسأنفة لا يدل كل من كل من قوله : { كأن لم يسمعها } ولا عطف بيان له ، لان انتفاء السمع ليس هو ثبوت الصمم فى اذنيه ، بل لازمه ومسببه ، فيصبح ان يكون بدل اشتمال ، والجملتان على الترقى فى البعد عن القبول ، وشددت كأن فى الثانية للمناسبة لهذا الترقى ، ولمناسبة التشديد لثقل الوفر فى معناه { فبشره بعذابٍ أليمٍ } مفرط فى الايلام ، تبشيرا تهكميا .