Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 37-37)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وإذْ تقُولُ } اذكر اذ تقول { للَّذي أنْعَم الله عَليه } بالاسلام زيد بن حارثة { وأنْعَمت عليْه } بالاعتاق وحسن التربية ، والتبنى والتعليم ، رضى الله عنه ، وذكره بهذه الاوصاف لبيان منافاة حاله ، لإظهاره صلى الله عليه وسلم خلاف ما اضمر ، لكن على وجه جائز ، وذلك أنه لإنعامه على زيد لا يستحى من تزوج زوجه زينب ، ولا سيما وقد كرهها زيد بعد تزوجه بها للسانها ، او كرهها ليتمتع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والناس فى غيظ منه ، اذ تزوج زوج متبناه . { أمْسِك عَليْك زَوْجَك } عداه بعلى لتضمن معنى احبس ، اى احبس على نفسك ، وهذا مما عمل فيه عامل فى ضميرين لمسمى واحد ، وهو جائز فى كل فعل ، لان احدهما بحرف جر وهو كثير فى القرآن لكون احدهما بحرف جر ، وغلط من قال بخلاف ذلك ، وتأول زوجه زينب بنت جحش تستعلى عليه بنسبها ، وتضره بلسانها ، فقال : يا رسول الله اشتد علىَّ لسان زينب ، واستعلائها علىّ بشرفها ، وأردت طلاقها ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أمسك عليك زوجك " { واتق الله } فى حقها ، واصبر لها { وتُخْفي في نفْسِك ما الله مُبديه } مظهره ، والعطف على تقول ، والذى يخفيه والله يبديه ، انه اوحى الله تعالى اليه ان زيداً سيطلقها وتتزوجها . وقال قتادة : انه صلى الله عليه وسلم يخفى ارادة طلاقها ، وقيل : ارادة نكاحها ، وقيل : اخفى نكاحها لو طلقها زيد ، وحبه مجرد خطور بباله صلى الله عليه وسلم ، وليس ذلك رغبة فى زهرة الدنيا ، بل من الامر الذى طبع عليه البشر ، ولا سيما ان ذلك بعد العلم بان زيدا يريد فراقها ، وقيل : أتى صلى الله عليه وسلم بيتها فرآها تسحق طيباً بفهر ، فقال : " سبحان الله خالق النور تبارك الله احسن الخالقين " وقيل : اتى زيدا لحاجة ، فأبصر زينب فى درع وخمار ، وكانت بيضاء جميلة ، ذات خلق من أتم نساء قريش ، فاعجبته ، فقال : " سبحان الله مقلب القلوب " وسمعته فأخبرت زيدا حين جاء ، ولا بأس بنظر الفجأة ، وقيل : جاء الى زيد فلم يجده فى بيته ، فعرضت عليه الدخول فلم يدخل ، وسمعته يقول : " سبحان الله العظيم سبحان مصرف القلوب " فأخبرته بما قال صلى الله عليه وسلم ، فجاءه فقال : هلا دخلت يا رسول الله ، لعلها اعجبتك فأطلقها لتتزوجها ، فقال " أمسك " وقال لها : أطلقك ليتزوجك ؟ فقالت اخشى ان تطلقنى ولا يتزوجنى ، وانكر العلماء القولين جداً ولا ارى فيهما بأسا ، لان ذلك بأمر الله تعالى ولان الانصار يطلقون بعض نسائهم ليتزوجهن المهاجرون ، ويجوز الان مثل ما فعلوا ، وانما المحرم ان يطلب الرجل ذات زوج فترضى . { وتَخْشى النَّاس } مطلقا المنافقين وغيرهم لأكل فرد خاف ان يقولوا تزوج امرأة ابنه ، او يقولوا امره بطلاقها ليزوجها ، عاتبه الله على قوله : { أمسك } الخ مع علمه بقوله تعالى : ستكون من ازواجك ، فكان الاولى ان يسكت ، او يقول له : نعم ان شئت فطلقها ، وكان الواجب المبادرة عند بعض ، والامر كذلك على الوجه الجائز ، ولا سيما ان لم يبادر بعد طلاقها وعدتها ، ففيه عتاب ، اذ اراد الله ان يتزوجها لينسخ تحريم زوج المتبنى بناء على انه قد كان تزوجها حراما ، وقيل : لم يكن حراما ، والعطف على تقول { والله } وحده { أحق أن تخشاه } حال من ضمير تخشى ، قال عمرو بن مسعود ، وعائشة : لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتم شيئاً من الوحى لكتم هذه الآية ، وكانت النساء لا يحتجبن ، ولم يزل صلى الله عليه وسلم يراها لا رؤية تشه . { فلمَّا قَضَى زيدٌ منْها وطراً } حاجة مهمة ، وهى ما قضى من صحبتها وجماعها ، ولم يبق له ميل اليها ، وفى الكلام حذف هكذا : وطراً وطلقها ، واعتدت وقيل : قضاء الوطر التطايق ، وكان التطليق حاجة قصدها واحبها لشدة لسانها ، فيقدر ، واعتدت بعد قوله : { زوجناكها } اى زوجناكها بعد العدة ، وقد قيل : بعد مرور النبى بها لم يستطع زيد من نفسه سبيلاً اليها ، وقالت : ما كنت امتنع منه ، ولكن الله منعنى منه ، وروى انه لم يتمكن من الاستمتاع منها ويريد القرب ، فيتعطل من نفسه . { زوّجناكها } من عندنا بلا ولى ولا شهود ولا عقد ولا صداق ، وكانت تفتخر على سائر ازواجه صلى الله عليه وسلم بأنكن زوجكن أولياؤكن ، وأنا زوجنى ربى ، وان جدى وجده واحد ، والسفير جبريل بين الله عز وجل وبينه صلى الله عليه وسلم ، وأما من الناس فقيل : لما انقضت عدتها امر أنساً ان يذكره عندها انه صلى الله عليه وسلم يذكرك ، فقالت : أو أمر فقامت لمسجدها ، ونزل القرآن فدخل عليها بلا اذن وهى منكشفة الرأس فقالت : هذا من الله بلا خطبة ولا شهادة ، فقال : ( الله تعالى المزوج وجبريل الشاهد ) وهذا نفس ما تقدم ، فانه ارسل أنساً تمهيداً لتزويج الله الموحى اليه بالوعد ، وبعد ارساله أنساً انجز الله الوعد ، وذلك هو الصحيح ، وقيل : معنى زوجناك بمعنى أمرناك بتزوجها ، فتزوجها بلا ولى ولا شهود ولا صداق . وقيل : لما انقضت عدتها امر زوجها زيداً ان يقول لها قد ذكرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله ففعل ، وما كاد ينظر اليها اجلالاً له صلى الله عليه وسلم اذ خطبها ، ولما قال لها ذلك قالت : او امر ربى على حد ما مر آنفا ، ولما تزوجها أولم بشاة وخبز واكل الناس وافضلوا . { لكيْلا يَكُون على المُؤمنين حرجٌ } ضيق بتحريم زوج المتبنى ، او إثم او كلاهما بناء على جواز استعمال الكلمة فى معنييها مطلقا او فى السلب والبسط فى اصول الفقه { في أزْوَاج } فى تزوج أزواج { أدْعيائهم إذا قَضَوا منهنَّ وطراً } تمت حاجتهم منهن وطلقوهن ، او قضاء الوطر الطلاق { وكان أمْر الله } ما أراده عن وقوع او عدم { مفْعولا } لا محالة .