Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 40-40)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ما كَان مُحمَّد } اذا كان الناس يقرءون القرآن وقرءوا لفظ محمد او لفظ أحمد وجب عليهم فى الاصح ان يصلوا عليه ، لان كل واحد قد سمعه من غيره ، والصلاة واجبة على من سمع ذكره ، وفيه أقوال ، وعلى كل حال يكفر من ينهى الناس عن الصلاة عليه فى سماعه من القارئ ، او يقول ليس بشرع ، ومعلوم ان الصلاة عليه حينئذ ليست من القرآن ، كما علم ان بلى بعد { أليس الله بأحكم الحاكمين } [ التين : 8 ] ليس من القرآن ، وقد أمر به صلى الله عليه وسلم ، ومن الجهالة ان يسبقوا الداعى بالصلاة والسلام ويسمعون الاسم من الداعى بعد فراغهم ، فلا يصلون ولا يسلمون استغناء بالنفل عن الفرض ، لأنهما يفرضان عند ذكره ، ومن أنكر جواز الصلاة والسلام عليه عند سماعه فى القرآن فقد أشرك ، ويصلى ويسلم عليه بصوت دون صوت القرآن اذا سمعوه فى القرآن ، ولا يتوهم احد ان الصلاة والسلام عليه آية من القرآن ، ولو خيف التوهم أخبر انهما ليسا من القرآن . { أبا أحَدٍ مِن رجالكم } ذكر الرجال دون الابناء ، لان الكلام فى زوج زيد زينب وهو يومئذ رجل ، وايضا يلزم من نفى ان يكون أباً لرجل ان يكون ابا لطفل ، لان الطفولية عن الرجولية ، بخلاف الطفولية فلا يلزم عنها ان يكون رجلا ، لانه يمكن ان يموت قبل ان يكونه ، ولا حاجة الى جعل الرجل من اطلاق الخاص على العام الذى هو الابن ، ولا الى قول : ان الرجل من حين يولد ، وإنما ذلك فى مثل قوله تعالى : { وللرجال نصيب } [ النساء : 7 ، 32 ] { وإن كان رجل يورث } [ النساء : 12 ] الخ ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " فلأولى رجل ذكر " والابوة المنفية شرعية ولغوية اصلية ، وهى بنوة الولادة او الرضاع ، وشهر انه لا بنوة بالرضاع فى اللغة ، ومعلوم ان زيد بن حارثة ، وانه لا مراضعة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرهم الله عز وجل ان التبنى لا يعتبر فى النكاح ، ولا فى غيره ، ولا يثبت بنوة شرعية ، ولم يقل ابا احد من الرجال ، او ابا احد منكم ، لانهم يعدون زيداً منهم للمخالطة والسكنى . واما اولاده صلى الله عليه وسلم فماتوا فى مكة قبل البلوغ ، كالقاسم رضى الله عنه ، وإبراهيم ولد فى المدينة بعد نزول الآية ، وهو صلى الله عليه وسلم اب ايضا لابنه البالغ ، لو كان فإنهم يعدونه من رجالهم ، ولا يبحث ببنوة الحسن والحسين له صلى الله عليه وسلم ، لانهما طفلان ، وللعلم بان أباهما على ، وقد علمت ان المنفى ابوة الولادة والرضاع ، فلا يشكل انه صلى الله عليه وسلم ابو المؤمنين من الآية ، نص عليه الشافعى وعلى وقرئ : وأزواجه أمهاتهم ، وهو أب لهم . وعنه صلى الله عليه وسلم انه قال لعلى : " أنا وأنت أبو هذه الأمة " وذلك فى التعظيم والشفقة ، وكل نبى اب لأمته لذلك ، وإنما هو أبو الثلاثة بنين وأربع بنات ، اولهم القاسم وبه يكنى ، ثم زينب ، ثم عبدالله واسمه الطاهر ، ولد بعد نزول الوحى ، ولذا سمى طاهرا ، ثم ام كلثوم ، ثم فاطمة ، ثم رقية ولدتهم خديجة فى مكة ، ثم ابنه ابراهيم من سريته مارية القبطية ، وكلهم ماتوا قبله الا فاطمة فبعده بستة أشهر ، وكل نسائه ثيبات الا عائشة ، ويروى عن الشعبى ، عن ابى جحيفة ، عن على ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب يقول غضوا ابصاركم عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمر الى الجنة " . { ولكن رسُول الله } لكن كان رسول الله ، قال هذا ليكون قد اثبت ما نفوه ، ونفى ما أثبتوه ، وكأنه قيل لكن ثبتت له الرسالة التى هى كالأبوة الحقيقة فى تعظيم المؤمنين له ، وفى شفقته ونفعه لهم { وخاتَم النَّبييِّن } اكد به الرسالة المتضمنة للابوة التعظيمية والشفقية ، لطول ما بينه وبين يوم القيامة ، فذلك طول للأبوة المذكورة بخلاف ابوة الانبياء قبله ، فدون تلك المدة ايضاً ، وقد يتكلم فى الزيادة عما هم عليه من تلك الشفعة على من يأتى بعدهم من الانبياء ، لعلمهم بأنهم يأتون بعدهم ، وأما عيسى صلى الله عليه وسلم ، فإذا نزل شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، يلهمه الله إياها ، او علمه اياها صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء ، او فى غيرها ، كما روى انه يسلم على عيسى فى الطواف ، ومن شريعته اذا نزل عيسى ان لا تقبل الجزية ، بل الايمان او القتل . قال صلى الله عليه وسلم : " إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون ويتعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة فأنا اللبنة وأنا الخاتم للنبوة جئت فتممت الانبياء " قال صلى الله عليه وسلم : " انا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحوا الله به الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب أي الذي ليس بعدي نبي " ويروى " انا محمد وانا احمد وانا المقفى وانا الماحى ونبى التوبة ونبى الرحمة " والمقفى المجعول آخراً . { وكان الله بكلِّ شيء عليماً } من ذلك علمه بحكمة كونه خاتم النبيين ، واذا نزل عيسى عمل بسنته ، وحج وتزوج ، فهو من امته الا انه لا يقبل الجزية عن اهل الكتاب والمجوس ، بل ان لم يؤمنوا قتلهم ، وهذا دين سيدنا محمد اذا نزل عيسى ، ويصلى الى الكعبة .