Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 51-51)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تُرجي } تؤخِّر { من تَشَاءُ منهنَّ } من نسائك بترك مضاجعتها أو وطئها وبالطلاق { وتؤوي } تضم { إليْك مَن تشاءُ } منهن بالمضاجعة والوطء وعدم الطلاق ، وقيل الهاء النساء أمته ، أى لك تزوج من شئت منهن ، ولا يحل لها الامتناع ، وذلك قوله : { تؤوي إليك من تشاء } ولك ترك تزوج من شئت ، وذلك قوله : { ترجي } إما على معنى لا يجب عليك تزوج من تطمع فى تزوجك لقرابة أو غيرها ، ولا قبول من وهبت نفسها لك ، وإما على معنى البسط فى التوسعة بذكر ما ليس من شأنه أن يحق ذكره ، وقيل : الهاء للواهبات له قبول من شاء . وترك من شاء ، وله وطء من شاء منهن قبلهن ، وترك وطء من شاء ممن قبلهن . وروى أنه هم بطلاق بعض نسائه الواهبات وغيرهن ، فأتينه وقلن له : لا تطلقنا وأنت فى حل مما لنا ، ويقال : أرجى ميمونة ، وجويرة ، وأم حبيبة ، وصفية ، وسودة وآوى عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب ، والواهبات إنما وهبن تقربا الى الله تعالى بخدمة رسوله ونفعه ، والفوز برضاه لا لغرض دنيوى ، ولما نزل : { ترجي } ، إلخ قالت عائشة : يا رسول الله ما أرى ربك إلا يسارع لك فى هواك ، وقد قالت قبل ذلك ، وبعد وقوع الهبة : أما تستحى المرأة أن تهب للرجل نفسها ، وقالت : ما فى امرأة وهبت نفسها لرجل خير ، وإنما قالت ذلك قبل أن تسمع أنه صلى الله عليه وسلم قبل الهبة أو أجازها ، وذلك غيرة منها ، وزجرها بأن التى وهبت نفسها إنما قصدت باباً من الخير ، وهو أن تكون فى الجنة معى ، وأما للمؤمنين . { ومَن ابْتَغَيْت } طلبت أن تراجعها { ممَّن عزَلت } طلقت ، أو من تريد وصلها بعد هجرها ، ومن شرطية مفعول لشرطها ، أو اسم موصول شبيه باسم الشرط مبتدأ ، والجواب أو الخبر فى قوله : { فلا جُناحَ } لا إثم { عليْكَ } فى شأنها أو اسم موصول معطوف على من تشاء الثانى ، والمراد غير المطلقة ، وقيل من الجارة لبدلية ، ومن ابتغيت واقع على من يريد أن يتزوجها ، والعزل الفراق بالموت أو الطلاق ، أى من ابتغيت تزوجها بدلا ممن مات ، أو طلقت فلا جناح عليك ، ولا يخفى بعد إطلاق الموت على العزل ، لأن الموت ليس فعلا منه يسمى عزلا ، وكذلك يبعد أن يراد عزلت جماعها لموتها ، إذ لا يتوهم بقاءها . { ذلك } التفويض فيهن ، أو ذلك الإيواء وهو أولى ، لأن قرة أعينهن بالذات إنما بالإيواء لأنه محبوب طبعا ، ولو ضم اليه غيره بالكسب ، أو ذلك العلم بأن لك الإيواء ، أو بأنه لك بعد العزل { أدْنى } أقرب { أن تقرّ أعيُنهُن } أى الى أن تقر ، أو من تقر بتقدير الى ، أو من التى ليست للتفضيل { ولا يحْزنَّ } لعلمهن بأنهن لم تطلقهن ، وبأن ذلك إباحة من الله لا جور منك ولا حيف ، ويفرحن بالإيواء { ويرضَيْن بما آتيتهنَّ كلُّهنَّ } توكيد لنون يرضين ، ومعنى آتيتهن أعطيتهن من المضاجعة والإيواء والمساواة ، وترك ذلك ، وأصل الرضا أن يكون بما فيه شدة أو نقصان ، وغلب هنا على ما ليس فيه ذلك ، أو المراد يرضين بما فيه ذلك ، وما فيه بعض خير ، ولم يتم ، أو المراد بما فعلت معهن مما فيه ذلك ، وعيونهن أكثر من تسع أعين أو عشر ، ومع ذلك عبر بجمع القلة لأنهن تسع ، وهو لجمع القلة ، وأيضا ليس المراد حقيقة العينين ، والذلك يفرد كما جاء : قرة عين ، وقرة عينها . { والله يعْلَم ما في قُلوبكُم } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه تغليبا للذكر على الإناث ، أى ما فى قلبك من الميل الى بعضهن ، وما فى قلوبكن من الرضا بما أباح الله تعالى له ، وكراهته بالطبيعة ، أو الخطاب لهن بالذات ، وخلط معهن النبى صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفوسهن ، وتنبيهاً له صلى الله عليه وسلم على الشكر ، أو الخطاب للمؤمنين ، أو لهم وللنبى ، صل الله عليه وسلم ، ويضعف أن يكون لهن ولهم ، وفى ذلك على كل حال وعيد لمن لم يرض بما فرض الله تعالى أو أباحه ، وبعث على تحسين القلوب ، ولا يدخل صلى الله عليه وسلم فى الوعيد ، لأن المقام لذكر التيسير له صلى الله عليه وسلم . { وكان الله عليماً } غاية العلم بكل شىء { حليماً } عظيم الحلم بتأخير العقاب عمن خالفه ، وتأخير العتاب ، وبالصفح عما يغلب على القلب من الميل ونحوه ، ومع إباحة الله تعالى له صلى الله عليه وسلم عدم العدل بينهن ، دام على العدل بعد نزول التخيير حتى مات ضبطا لنفسه ، وأخذاً بالأفضل . وروى أن سودة قالت له قبل وجوب إمساكهن ، وهبت ليلتى لعائشة ، وقالت لا تطلقنى لأحشر فى زمرة نسائك ، وذكر الزهرى أنه ما أرجى منهن شيئا ولا عزله بعد ما خيرن فاخترنه ، وعن عائشة رضى الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن فى يوم المرأة منا بعد أن نزل : { ترجي من تشاء } إلخ ، فقيل ما كنت تقولين ؟ قالت : أقول : إن كان ذلك الى فإنى لا أريد أن أوثر عليك أحداً ، وهذا لا ينافى ما مر من أنه ما أرجى بعد التخيير ، ولا عزل أحد الآن معنى الآية أن لا يرجى أو يعزل قهراً بنفسه ، أما برضا صاحبة الحق فلا بأس بترك ليلتها مثلا لأحد ، وهذا كالنص عن عائشة رضى الله عنها ، أن الله تعالى أباح له أن يستأذن بعد نزول الآية ، وأما قبلها فكان يفعل بلا استئذان .