Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 17-18)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذلك } التبديل البعيد رتبة فى الضر مفعول به لقوله : { جَزَيْناهم } أو مفعول مطلق للجزاء بعده ، وعلى كل حال قدم للتهويل أو للحصر ، أى لا جزاءً آخر { بما كَفَروا } بسبب كفرهم النعمة ، أو كفرهم بالرسل الثلاثة عشر ، وذلك قبل سيدنا عيسى عليه السلام ، أو سيل العرم بعده ، والأنبياء قبله { وهَلْ يجازى } مثل هذا الجزاء { إلا الكفور } المبالغ فى الكفر ، أو هل يجازى بكل ما فعل إلا الكفر ، أو هل يجازى جزاء غضب إلا الكفور ، والمؤمن يجازى ببعض ما فعل فى الدنيا تميحصا لا غضبا ، والمجازاة فى الشر والجزاء فى الخير غالبا ، بل لم يرد المجازاة فى القرآن إلا فى هذه الآية فالجزاء فيها للشر . { وجَعَلنا } قبل الخراب { بيْنَهم } بين بلدتهم التى بنى لها السد { وبَيْن القُرى التي باركْنا فيها } هى قرى الشام ، ومنها قرى بيت المقدس ، وعن ابن عباس : قرى بيت المقدس ، والقولان أولى ، لأن المعرف بالبركة ثماراً ودنيا هو تلك البلاد القدسية ، من قول إن : المراد السراوية ، وقول إنه قرى صنعاء ، وقيل قرى مأرب { قرى ظاهرة } تظهر لمن فى واحدة الأخرى شدة القرب عند قتادة أربعة آلاف وسبعمائة قرية ، من سبأ الى الشام ، لا يحملون زادا ، ولا يحتاجون يقيلون فى واحدة ، ويبيتون فى أخرى . وقال المبرد : ظاهرة للناظر من بعيد لكونها على المواضع المرتفعة كالجبال : وذلك شرف لها ، وقيل : متبينة الحسن واللياقة للمار ، وقيل : ظاهرة للمار لكونها علىالطريق يسهل للمار الانتفاع منها ، وعن ابن عطية : خارجة عن المدن الكبار ، وظواهر المدن ما خرج عنها ، وقوله : " جعلنا " إلخ عطف على ما قبله عطف قصة على أخرى ، فهم فى نعم عظيمة فى حضرهم وسفرهم . { وقدَّرنا فيها السَّير } جلعنا السير فيما بينها على مقدار لائق ، ففى بمعنى بين ، أو يقدر مضاف أى فى طرقها ، ونكتة فى الاشارة الى أن السير فى خارجها كالسير فى داخلها مبالغة فى ذكر نعمها لهم من شدة القرب ، كأنهم لم يخرجوا منها كما مر عن قتادة . ولو اختلف القرب ، وقيل : من سار صباحا من واحدة وصل الأخرى وقت الظهر ، ومن سار منه وصل الأخرى وقت الغروب ، فبين كل واحدة والأخرى ما بين الصبح والظهر ، أو ما بين الظهر والغروب ، وقيل بين كل قريتين ميل ، وفى كل الأقوال لا يحتاج الى حمل زاد ، ولا الى مبيت فى غير عمران ، وأكد القرب بقوله : { سِيرُوا فيها ليَالي وأيَّاما آمنِين } الجملة منصوبة بحال محذوفة أى قائلين بالوحى ، أو بلسان الحال سير والخ ، ومعنى " ليالى وأياما آمنين " متى شئتم لا يختلف الأمن ، ولا يتخلف بوقت لعدو أو سبع أو دابة مضرة لفقد ذلك ، ولو امتد سفركم ليالى وأياما ، وعن قتادة يسيرون فى ذلك أربعة أشهر أو لمرد مدة أعماركم فعبر بليالى وأياما تلويحا بقرب الموت ، وقدم الليل لتقدمه على اليوم ، ولأنه مظنة الخوف ، وضع الله عز وجل الأمن فيهم حتى لو وجد قاتل أبيه لم يغير عليه بقول .