Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 36-36)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قلْ إنَّ ربي يبسْطُ الرِزْق لمَنْ يشاءُ } بسطه له { ويَقْدر } يضيقه لمن يشاء ضيقه له ، وليس البسط دليل الكرامة ، ولا القدر دليل الهوان ، وإلا خُص البسط بالمطيع يفعل ما يشاء بحسب الحكمة من البسط للمطيع ، والقدر للعاصى والعكس ، والبسط لهما ، والقدر لهما والبسط لواحد تارة ، والقَدْر له أخرى ، فلا يقاس ثواب الآخرة وعقابها على البسط والقدر . { ولكنَّ أكْثر النَّاس لا يعْلمُون } ذلك ، فمن قائل : البسط للشرف والكرامة عند الله تعالى ، والقدر للهوان والحقارة ومن متحير معارض له عز وجل كيف بسط لفلان ، وقدر على أو على فلان ، قال : @ كم عالم عالم أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تلقـاه مرزوقـا هذا الذى ترك الأوهام حائرة وصير العـالم النحرير زنديقـا @@ أراد بالعالم النحرير الجنس أو خصوصا نفسه ، فإن أراد التعجب من قضاء الله مؤمناً به فلا بأس ، وإن أراد الجهل والشك فهو كفور ، والمؤمن من قال : @ ومن الدليل على القضـاء وكـونه بؤس اللبيب وطـيب عيش الأحمق @@ قال محمد بن كعب القرطبى : إن الغنى إذا كان تقيا يضاعف له الأجر مرتين ، ثم قرأ قوله تعالى : { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم } [ سبأ : 37 ] إلى قوله : { جزاء الضعف } [ سبأ : 37 ] الخ وعنه صلى الله عليه وسلم : " ما أحسن الغنى مع التقوى " وعن عمرو بن العاص عن النبى صلى الله عليه وسلم : " نعم المال الصالح للرجل الصالح " وعن هشام عن عمر : كرمكم تقواكم ، وشرفكم غناكم ، إحسانكم أخلاقكم ، قال بعض المتقدمين : المال فى الغربة وطن ، والفقر فى الوطن غربة ، ومن جعل الفقر لحافاً فهو غريب أينما كان ، قلت : هذا غنى إذا أنس به ، واطمأن قلبه ، قال سعيد بن المسيب : لا خير فيمن لا يجمع المال من حله ليصل به رحمه ، ويخرج منه حقه ، ويصون به عرضه ، قال هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضى الله عنها : قسم ميراث الزبير بن العوام أربعين ألف ألف درهم . وكان لعبد الرحمن بن عوف ثلاث نسوة ، طلق إحادهن فى مرضه ، فصولحت عن ثلث الثمن على ثلاثة وثمانين ألفاً ، وعن عمرو بن دينار : غلة طلحة بن عبيد الله كل يوم ألف ، وقد فضل قوم الغنى لذلك ، ولو حرم لم يتركهم النبى على غناهم ، وشرط ذلك إخراج الحقوق منه ، والنفع به ، وعدم الفخر والكبر به ، وقد اختار بعضهم الفقر من الرجل الصالح على الغنى من الغنى الصالح ، ويناسب الأول قوله تعالى : { ووجدك عائلاً فأغنى } [ الضحى : 8 ] فلو كان الفقر أفضل لم يغنه .