Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 40-42)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويَوْم } مفعول لا ذكر محذوفا أو ظرف لكون محذوف أى ويكون ما يكون من الأهوال التى لا يحيط بها المقال يوم { نَحْشُرهم جَميعاً } من استضعف ومن استكبر ، وما يعبدون وفيه بعد إلا أنه أساغه قوله تعالى : { ثم يقُول للملائكة أهؤلاء إيَّاكم كانُو يعْبدُون } فذكر الملائكة من مبعوداتهم ، وثم للتراخى فى العظم أو فى الزمان ، كما قيل : يقف الخلق سبعة آلاف سنة فى الموقف ، لا يكلمون حتى يشفع صلى الله عليه وسلم فى فصل القضاء ، وذلك تفريع المشركين ، وإقناط من شفاعته الملائكة لهم تفريعا ، مثله فى قوله تعالى : { أأنت قلت للنَّاس اتخذوني وأمي إلهين } [ المائدة : 116 ] وخص ذكر الملائكة من سائر ما عبدوا لأنهم أشرف . رأى عمرو بن لحى قوما فى الشام يعبدون الأصنام ، فسألهم فقالوا : أرباب على صور الهياكل العلوية نستنصر بها ، ونستسقى ، فجاء بصنم الى العرب ، وزين لهم عبادة الأصنام فعبدوها ، وعبد عيسى بعد ذلك ، فإذا لم تشفع الملائكة فأولى أن لا يشفع سائر معبوداتهم ، وقدم إياكم لأنه أنسب بالتفريع ، وأولى بالذكر ، وكأنه قيل : فما أجابت الملائكة فقال : { قالُوا سُبحانك أنتَ وليُّنا مِن دُونهم } ومقتضى الظاهر يقولون فجىء بالماضى للتحقق كأنه قد حشروا فقالوا سبحانك انت ولينا من دونهم نواليك ، ولا ولاية لهم ، وما رضيا بعبادتهم لنا ، بل نلعنهم عليها { بل كانُوا يعْبُدون الجنَّ } إذا أمروهم بعبادة غير الله عز وجل ، وصوروا لهم صور قوم من الجن فقالوا : هذه صور الملائكة فاعبدوها ، أو يدخلون فى أجواف الأصنام فهم يعبدون إذا عبدت ، وهذا لا تفسر به الآية ، لأن الآية على أنهم عبدوا الملائكة ، أو تخيلوا شيئا صادقا على الجن لا علينا فعبدوه ، فهم لم يعبدونا حقيقة . وفى سورة الأنعام وغيرها ، أن قوما عبدوا الجن ، ولا تفسر به الآية ، لأنها على أنه عبدت الملائكة ، إلا أن يقال : الإضراب انتقالى الى كلام آخر لا نفى ، لأن عبدتهم الجن ، وكذا فى تفسيرها بأنه عبدت الجن إذا عبدت الأصنام ، وهم فى جوفها . { أكثرهم } أكثر المشركين { بهم } بالجنِّ { مُؤمنُون } بأنها آلهة كما آمن المسلمون بأن الله هو إله ، والقليل يؤمنوا بأنها تعبد بل يعبد الله لا كما قيل : إن القليل لم يؤمنوا بهم ، وإنما عبدوهم تبعاً ، لأن عبادتهم تبعاً غير خارجة عن الذم ، وعن أنهم عبدوا غير الله سبحانه ، أو قالوا بالأكثر لأن من الكفار من لم يعلم الملائكة بحاله ، وفيه أن العبارة تعطى أن القليل لم يعبدهم إذ لم يقولوا أطلعنا على أكثرهم أنهم بهم مؤمنون . وكذا يبحث أن قيل : أكثر قلب كل واحد مؤمن بالجن ، وأيضا كيف يكفر بعض القلب ويؤمن بعضه ، إلا أن يقال فيه خصلة إيمان ، وخصلة شرك ، وأيضا لم يقل أكثر قلوبهم ، ويضعف أن الأكثر بمعنى الكل ، لأنه خلاف الأصل ، وأجيز عود هاء أكثرهم للانسان ، صدقوا بأن الجن آلهة ، ولا نسلم هذه الأكثرية ، وقيل : المشركون مؤمنون بأن الملائكة بنات الله ، كما قال الله عز وجل : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً } [ الصافات : 158 ] وقيل : مؤمنون بأنهم آلهة ، والآية من كلام الملائكة ، ومن جملة ما قيل للملائكة قوله تعالى : { فاليَوْم لا يمْلكُ بعضُكم لبعضٍ نفْعاً ولا ضَرّاً } خوطبوا مع الجن أو المشركين وهم البعض الثانى ، والأول الملائكة إظهاراً لعجزهم عن أن يشفعوا للجن ، مع أنهم لا يتعاطون الشفاعة ولا يحبونها لهم ، وإظهاراً لخيبة عابدهم من الشفاعة ، ويضعف أن الخطاب للمشركين ، لأن المقام ليس لأن ينفى أن يملك بعضهم لبعض نفعا أو ضرا ، أو ذكر الضر لتعميم العجز ، أو لأن المراد لا يملكون نفعكم إن عبدتموهم ، أو ضركم إن لم تعبدوهم . { ونقُول للَّذين ظلَمُوا ذوقُوا عذاب النَّار التي كنْتُم بها تُكذِّبون } عطف على نقول ، ونعت النار هنا والعذاب فى سورة السجدة ، لأن ما هنا قبل ملابسة النار ، وما هناك بعدها ، ألا ترى الى قوله : { كلما أرادوا أن يخرجوا } [ السجدة : 20 ] .