Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 1-1)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الحمْدُ للهِ فَاطِر السَّمَاواتِ والأرْض } الفاطر الموجد ، تخاصم أعرابيان عند ابن عباس على بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها ، قال ابن عباس : علمت به معنى فاطر السموات والأرض ، ولا أعلمه قبل ، رواه البيهقى ، وذلك على الإطلاق ، وهو إيجاد الشىء على صفة يترشح بها لفعل من الأفعال ، وقيل : أصله الشق ، وقيل : الشق طولا ، ثم تجوز به الى الإنشاء مطلقا ، ثم صار حقيقة ، ولا يشترط أن يكون على غير احتداء مثال ، بدليل كلام الأعرابى ، وكونه الآية على غير احتداء مثال من خارج لا بالوضع ، ومطاوع الفطر انفطر كقوله تعالى : { إذا السماء انفطرت } [ الانفطار : 1 ] . ويتعد إبقاؤه على أصله ، بأن يكون المعنى شق السماوات يوم القيامة لنزول الأرواح والملائكة ، وقبله بنزول الأمطار والأرض بالنبات فى الدنيا ، وعن الموتى بالبعث يوم القيامة ، وفاطر نعت لله وهو معرفة لإضافته للمعرفة ، وإضافته محضة ، لأنه بمعنى الماضى على معنى خالق ، إذ لا مفعول له ، لأنه لا ينصب المفعول فضلا عن أن يقال : إنها لفظية ، وإنه فى نية التنوين ، وإن ما بعده فى نية النصب على المفعولية ، أو لأنه على معنى من شأنه الفطر ، كقولك : جاء مالك العبيد ، تقول : مَن مِن شانه أن يملكهم ، ولم ترد أنه قد مالكهم أو يملكهم ، ولو كان قد ملكهم ، وبهذا الوجه يقال فى معنى شاق السماوات ، وان أريد خصوص الشق الآتى أو الماضى فهو للمضى تقديرا أو تحقيقا وأجيز أن يكون بدلا ، وقالوا : البدل بالمشتق ضعيف ، وتعليق الحكم بالنعت المشتق ، أو البدل المشتق يؤذن بالعلية ، كأنه قيل : الله أهل للحمد لفطره ، تقول : أقطع عمراً السارق اى أقطعه لسرقته ، ومثل ذلك كله فى قوله : { جاعل الملائكة رُسُلاً } الى الأنبياء بالوحى ، والى الخلق مطلقا بالأمطار والرياح ، وبتلقى المؤمنين بالخير يوم القيامة { أولى } أصحاب نعت لرسلا { أجْنحَةٍ } يطيرون بها من جنس أبدانهم ، لا من شعر أو نحوه ، وهذا جمع قلة استعمل للكثرة ، ويجوز إبقاؤه على القلة باعتبار كل ذلك على حدة ، واعتبار الغالب ، فلا يشكل أن من الملائكة من كثرت أجنحته { مَثْنى وثُلاثَ ورُباع } نعوت لأجنحة ، فتقدر الفتحة فى الأول نائبة عن الكسرة ، ومنع الصرف للوصفية والعدل عن اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، وزعم بعض أنه للعدل الى غير صيغ هذه الأعداد ، والعدل الى عدم التكرير . { يَزيدُ في الخَلْق ما يشاءُ } يزيد للملائكة أجنحة على أربعة ، وكما يزيد فى أبدانهم وصفاتهم وأفعالهم ، زادهم الله قوة ، ويزيد بخلق ملائكة لم توجد ، ويحدث ما شاء من المعدومات حيوان وجماد ، وصفات وأفعال ، وأجزاء ، والخلق الحسن ، وملاحة العينين والصوت الحسن ، والخط الحسن ، والجمال والعقل والعلم ، والصنعة وغير ذلك من الاعراض والأجسام والقبح ، والأشياء القبيحة ، ومن أفرد شيئا من ذلك فتحجير للواسع ، ولا نقبله ، أو أرد التمثيل ، وكل شىء من الله عز وجل حسن . روى البخارى ومسلم فى قوله تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } [ النجم : 18 ] أنه رأى جبريل له ستمائة جناح ، وعن عائشة رضى الله عنها رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته مرتين له ستمائة جناح ، سعتها الأفق : مرة عند سدرة المنتهى ، ومرة فى أجياد ، ومن الملائكة طائفة لهم ستة أجنحة : جناحان يلفون بهما أجسادهم ، وجناحان يطيرون بهما الى حيث شاء الله عز وجل ، وجناحان مرخيان على وجوههم حياء من الله سبحانه ، والملائكة أجسام نورانية لطيفة ، تتشكل بما تشاء أو يشاء الله عز وجل ، حتى أن جبريل عليه السلام يصير كالوصع وهو طائر صغير { إنَّ الله عَلى كُلّ شيء قَديرٌ } تعليل جملى ، كأنه قيل : لا يعجز عن زيادة ما يشاء ، لأنه على كل شىء قدير .