Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 22-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما يَسْتوي الأحياءُ } المؤمنون مطلقا أو بعد الاشراك { ولا الأمْوات } الكفار مطلقا من أول ، أو المرتدون أو العلماء والجهلاء { إنَّ الله يُسْمع مَن يَشاءُ } إسماعه بالتوفيق الى الايمان والعلم والعمل { وما أنْت بمُسْمع مَنْ فى القُبُور } من قضى الله عليه بالخذلان ، فهو كالميت فى قبره لا تصيره سامعا ، ولا فى ذلك كلمتا كيد عدم الاستواء ، وتأكيد التضاد ، ولو سقطت لأغنى ما الداخلة على يستوى كما تقول : ما يستوى الأب والولد ، والذكر والأنثى ، والحر والعبد ، وليس المراد ما يستوى أنواع الظلمات أو أفرادها ، فيما بينها ، وليس المراد لا يستوى أنواع النور ، أو افراده فيما بينها ، وهكذا بل لو أريد لم يلزم التكرار أيضا مع وجود الدليل ، ولم تذكر لا مع البصير لأن قوله : { وما يستوي الأعمى والبصير } [ فاطر : 19 ] كالتمهيد لقوله : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } ولذلك كرر { وما يستوي } فكان المقصود بالذات هو قوله : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } وذكرت فى التمثيلين بعد البصير ، لأنهما مقصودان بالذات ، لأنهما للحق والباطل ، وما يؤديان اليه من الثواب والعقاب ، وأيضا لم تذكر فى البصير ، لأن الشخص يكون بصيرا ثم يكون أعمى ، وليست الظلمة تكون نورا ، وليس النور يكون ظلمته ، وليس الظل يكون حرورا ، وليس الحرور يكون ظلا . وإن قلت : لم كررت فى الأحياء والأموات مع أنهما كالأعمى والبصير ، فان الحى يموت كالبصير يعمى ؟ قلت : كررت لزيادة المنافاة ، فان الأعمى والبصير يشتركان فى الإدارك والافعال والأقوال والاعتقاد ، بخلاف الحى والميت ، ولا يقال : لم تكرر أولا لأن المخاطب فى أول الكلام لا يقصر فى فهم المراد ، لأنا نقول : قد يكون له ذهول يناسب التكرار كما ينادى ، أولا يؤتى له بأداة التشبيه ، وأداة الاستفهام إزالة لذلك الذهول ، وقيل : كررت فى الثانى والثالث لئلا يتوهم أن المراد لا تستوى الظلمات والنور ، مع الظل والحرور ، أو ما يستوى الأعمى والبصير ، مع الظلمات والنور ، وقدم الأعمى لسبق الكفر عند البعثة ، ولحدوث البصر الحسى بعد عدمه ، وقدم الظلمات لسبق الكفر وحدوث النور الحسى بعدها ، وقدم الظل لتقدم الاسلام الفطرى ، وإن الحرارة لحادث كالشمس والنار ولسبق الرحمة وللفاصلة وقدم الاحياء لتقدم الايمان بعد البعثة على الاصرار ، ولأن الموت بعد الحياة . وجمع الظلمة لتعدد فنون الباطل والنور متحد ، وأفراد الأعمى والبصير لارادة الجنس وهو فى المفرد اظهر ، وأيضا أفرد البصير وأخره للفاصلة ، ولو قال : ما يستوى العمى والبصراء لم تأت الفاصلة ، كما قال الأندلسى لا سوى ألف معها .