Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 8-8)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أفمن زُيِّن لهُ سُوء عَمَله } أى عمل الشيطان ، أو عمل نفسه ، زين الشيطان والهوى له المعاصى ، فكانت عملا له { فرآه حَسَناً } الهمزة لإنكار مساواة من حسن عمله ، والفاء للعطف على محذوف ، أى أيجوز ترك التدبر ، فمن زين الخ ، أو داخلة على جواب شرط مقدر ، والهمزة مما بعدها والتقدير اذا علمتم ذلك ، أفمن زين ، وخبر المبتدأ وهو من الموصولة أو الشرطية محذوف تقديره مع ما عطف عليه محذوفا { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا } ومن استقبحه وعمل الصالحات متساويان ، أو يقدر بلا عطف ، أى كمن استقبحه واجتنبه ، أو يقدر المحذوف بالفاء على الشرطية ، وكذا اذا قدرنا كمن هداه الله لدلالة قوله عز وجل : { ويهدي من يشاء } وكذا الحذف فى قوله جل وعز : { أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه } [ هود : 17 ] وقد ذكر الخبر فى قوله تعالى : { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله } [ محمد : 14 ] وقوله عز وجل : { أفمن يعلم أنما أنزل } [ الرعد : 19 ] إلخ ، وقوله سبحانه : { أو من كان ميتا } [ الأنعام : 122 ] الخ وسوء عمله بمعنى فتح عمله . وقيل : من اضافة الصفة الى الموصوف ، والتحقيق أن خبر المبتدأ الشرطين هو جملة جوابه لا جملة الشرط اذا تمت به الفائدة ، ولا نترك ما هو ظاهر الى غير الظاهر لتكلف ، ومن يزعم انه جملة الشرط ناقض قوله بقوله : إن الفاء تزاد فى خبر الموصول تشبيها بالشرطى ، وعلل سببة التزيين لرؤية القبيح حسنا بقوله : { فإنَّ الله يُضلُّ من يَشاء } مثل من كفر برسول الله صلى الله عليه وسلم { ويَهْدى من يَشَاء } مثل من آمن به صلى الله عليه وسلم ، ولا عجب فى اتباع العاقل عدوه فى تزيينه ، لأنهم لا يدرون أن الشيطان عدوهم ، ولأن هواهم من أنفسهم معين ، وهم كمن سلب عقله بشدة التزين وزخرفته ، حتى أنه قال : { أفمن زين } ولم يقل الكافر ، وذلك كله بخلق الله ذلك ، وإيقاعه كما قال معللا : { فإن الله يضل } الخ أى لأن الله يضل الخ فلا قدرة لك على أن تسلك الضال فى زمرة المهتدى . { فَلا تَذْهبْ } تتلف { نفسُك } روحك أو بدونك كله { عليْهِم حَسَرات } عطف انشاء على اخبار وتفريغ عليه ، ولا حاجة الى جعله جواب شرط ، أى اذا كان الأمر كذلك فلا تذهب ، ولا الى دعوى التقديم والتأخير ، وأن التقدير أنه صلى الله عليه وسلم قال : لا ، جوابا لقوله عز وجل : " أفمن زين له " فإذا كان جوابك لا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات لأن الله يضل الخ ، ولا دليل على ذلك ، وليس كل ما صح فى نفس الأمر يقدر تفسير للقرآن ، والحسرة الغم والندم على ما فات ، كأنه انحسر عنه حمله على ما ارتكبه ، أو انحسرت قوته لشدة غم ، أو أدركه عياء عن تدارك ما صدر منه ، وعليهم بمعنى لأجلهم ، وحسرات حال مبالغة كأنها نفس الحسرات ، أو يقدر ذات حسرات أو حاسرات ، أو يتعلق بحسرات ، ولو كان جمع مصدر ، لأن هذا المصدر ليس هنا على معنى حرف المصدر والفعل ، ولتوسعهم فى الظروف واذا علق بحسرات وليس تعليلا صح جعل حسرات مفعولا من أجله اذ لا يتكرر المفعول من أجله بلا تبعية ، ولا يصح تعليقه بتذهب الا على معنى التعليل . وجمع حسرة للدلالة على الأنواع من تضاعف اغتمامه صلى الله عليه وسلم بقوله : { إنَّ الله } أى لأن الله { عَليمٌ بما يْصنَعون } فيعاقبهم ، وقوله : { أفمن زين } الى : { يصنعون } آية واحدة نزلت فى أبى جهل ، اذ أصر على كفره ، وعمر رضى الله عليه اذ تاب وأسلم .