Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 1-3)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقولون لست رسولا كما مر مثله فى السورة قبل هذه ، فنزلت هذه الآيات الى { غافلون } [ يس : 6 ] تصديقا له ، كما قال الله عز وجل : { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } [ الرعد : 43 ] . وهذه السورة قلب القرآن لاشتمالها على أمهات الأصول ، يدفع بها الجهل والآفات ، كما يصلح البدن بالقلب ، تسمى : المعمة ، والمدافعة ، والقاضية ، نعم خير الدنيا والآخرة لقارئها ، وتكابد عنه البلوى فى الدنيا والآخرة ، وتقضى له كل حاجة ، روى ذلك بسند فيه ضعف ، وروى يغفر له ما تقدم ، وكمن قرأ القرآن عشر ، وكمن قرأه احدى عشرة ، وكمن قرأه اثنتين وعشرين ، وروى مرفوعا كمن قرأه مرتين ، وذلك الحسنة بالحسنة ، يضاعف لمن يشاء الحسنة بعشر وأكثر ، كما صح أن هذه الأمة أقصر أعماراً وأكثر ثوابا ، فيكون لمن قرأ هذه السورة مرة كمن قرأ القرآن كله ، مع أن لكل حرف منه عشر حسنات وأكثر ، أى كمن قرأه بدون سورة يس ولك أن تقول معها ، لأن الشىء مفردا غيره مقرونا بغيره . وفى أبى داود : " اقرءوا على موتاكم يس " ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن لكل شيء قلباً ، وأن قلب القرآن يس " ، من قرأ يس يريد بها وجه الله غفر الله له وأعطاه من الأجر كلما قرأ القرآن اثنيتن وعشرين مرة " وقال صلى الله عليه وسلم : " من قرأ يس أمام حاجته قضيت له " وقال صلى الله عليه وسلم : " من قرأها إن كان جائعا أشبعه الله تعالى ، وإن كان ظمآن أرواه الله تعالى ، وإن كان عريانا ألبسه الله تعالى ، وإن كان خائفا آمنه الله تعالى ، وإن كان متوحشا آنسه الله تعالى ، وإن كان فقيرا أغناه الله تعالى ، وإن كان فى السجن أخرجه الله تعالى ، وإن كان أسيرا خلصه الله تعالى ، وإن كان ضالا هداه الله تعالى وإن كان مديونا قضى الله دينه من خزائنه " ومن سمع أنه من فعل كذا من عبادة كصوم وصلاة وصدقة كان له كذا وكذا من الدنيا كرزق وصحة بدن ، ونصر فليفعل تلك العبادة لرضا الله تعالى ، وللحسنات والنجاة من النار ، وغفران الذنوب ، ويدع بعد ذلك ولا ينشىء عبادة لأمر دنيوى بل ينشئها تقربا الى الله ويترتب عليها مراده من الدنيا . وما ورد من ذلك فى الحديث مخالفا لما ذكرت ، فانه يأول به ، فان أنواع العبادة لم توضع للدنيا ، ثم إنه إن توهم أن له الأجر عليها فى الآخرة ، قال الله عز وجل : قد أعطيتك فى الدنيا حاجتك التى عبدتنى لأجلها أو قد جازيتك عنها بكذا من أمر الدنيا ، وإنما يتوسل الى أمور الدنيا بالدعاء ، وهو مأمور به ، وهو عبادة . ومعنى يس : يا إنسان بلغة طيىء والحبشة ، فقيل أصله أنيسين ، واعترض بأن المسموع أنيسيان ، والحافظ حجة وليس ذلك من عنده ، وأن الأصل عدم التصغير ، ولو كان لله عز وجل أن يصغر لفظ وليه تعظيما ، لكن لا يقال به إلا مع ورود مثله عن الله فى وليه ، وإنيسيان دليل على أن الانسان من النسيان ، فلعل يس كله اسم واحد للسورة ، أى اتل يس ، أو حروف مقطعة ، أو يا حرف نداء ، وسين حرف من إنسان اختصار كما اختصر شامن لفظ شاهد فى قوله صلى الله عليه وسلم : " كفى بالسيف شا " . وإذا قيل : هذا نداء ورد على القائل أن حذف حرف النداء الداخل على النكرة المقصودة ضعيف ، فما قيل فى الحديث الوارد فى حقوق الوالدين من وفاء الضمانة الزم رجل أمك ، من أن رجل منادى أى الزم أمك يا رجل ضعيف ، والصواب كسر الراء وإسكان الجيم مضافا الى الأم ، اى اكسها واخدمها ، ويدل لهذا حديث باب الجهاد : " ويحك الزم رجلها " وعن ابن الحنفية : يس يا محمد ، وفى الحديث : " إن الله تعالى سماني في القرآن بسبعة أسماء : محمد وأحمد ، وطه ويس ، والمزمل والمدثر ، وعبد الله " وقيل المراد يا سيد والحكيم فعيل للنسب بمعنى ذى الحكمة لاشتماله عليها ، أو بمعنى مفعول من الرباعى بالزيادة ، أى محكم أى متقن مضبوط كأعقدت العسل فهو عقيد ، أى معقد ولا معمول لمرسلين ، لأن المراد من أهل الرسالة لا من أهل الرسالة إلى كذا . ويجوز أن يكون الحكمة أسندت الى القرآن بمعنى الناطق بالحكمة على التجوز فى الاسناد ، أو على الاستعارة المكنية ، بأن شبه بالحى ورمز اليه بلازمه وهو النطق ، ويجوز تسمية الانسان بيس ، كما سمى به بعض أصحابنا ، وبعض قومنا ، ومن ذلك أن بعض أعراب المغرب الأوسط أكثر قراءة يس لأمر دنيوى ، وأغير على حيهم ، فصاح أين أنت يا يس يعنى السورة ، فأجابه رجل من جهة العدو : ها أنا ذا يس ، فهو إما رجل من العدو اسمه يس خلصه الله تعالى به ، أو ملك أو ما شاء الله كان له من قراءته .