Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 65-65)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ اليَوم نَخْتِم عَلى أفْواهِهم } نغطيها ونشد عليها ، كما يربط فم القربة ، وفيهم قدرة على الكلام ، ولا يجدونه لذلك الشد ، وذلك حقيقة أو كناية عن إخراصهم ، أو استعير الختم للإخراص استعارة أصلية ، واشتق منه نختم على طريق التبعية ، وفى ذلك إعراض عن خطابهم ، لقبح أعمالهم الى التكلم لغيرهم { وتكلِّمنا أيْديهِم وتَشْهد أرجُلُهم بما كانُوا يكسبُون } تنازع تكلم وتشهد ، وأعمل الثانى وحذف للأول المضمر الفضلة ، أى وتكلمنا أيديهم به ، أى بما كانوا إلخ ، ولو أعمل الأول لقيل وتشهد أرجلهم به بما كانوا الخ ، وهاء به فى الموضعين لما ، ونسب التكلم الى الأيدى لأن أكثر الأعمال بها ، وقد قال الله جل وعلا : { ما قدمت يداه } [ الكهف : 57 ، النبأ : 40 ] { مما عملت أيدينا } [ يس : 71 ] { بما كسبت أيدي الناس } [ الروم : 41 ] { فبما كسبت أيديكم } [ الشورى : 30 ] " بما كسبت أيديهم " { بما قدمت أيديهم } [ البقرة : 95 ] . جاء فى أحاديث ما حاصله : " أن الكافر ينكر ما فعل ، وينسب الملك الكاتب الى الكذب عليه ، وقد قال الله عز وجل له : ألم أكرمك ؟ فيقول : بلى لكن عملت بما أمرت به ويثنى بخير ، فيقول الملك : عملت كذا فى موضع كذا وقت كذا ، وهكذا فيقول : يا رب ألم تجرنى من الظلم ، يا رب لا أقبل شاهدا إلا من نفسى ، فيقول الله تعالى : { كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا } وبالملائكة الكرام ، فيختم على فمه فتنطق جوارحه ، ثم يخلى فيقول : بعداً لكن فعنكن كنت أناضل " . وجاء الحديث : عن أبى هريرة وهو فى مسلم مرفوعا : " أول ما ينطق من جوارحه فخذه اليمنى " وفى مسند أحمد ، عن عقبة بن عامر مرفوعا أيضا : " أن أول ما ينطق منها فخذه اليسرى " ولعل بعضا تنطق يمناه ، وبعضا يسراه أو بعض تنطق يمناه أولا وبعض يسراه ، أو فكلتاهما ناطقة من كل انسان ، وحصر الأولوية بالنسبة الى غير الأفخاد والنطق حقيقة ، يخلق الله فى الاعطاء الحياة والعقل : { أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } [ فصلت : 21 ] والعضو ينطق بما فعل ، وبما فعل غيره من الأعضاء ، وقيل : بما فعل ، وهذا أظهر ، لأن كل عضو ينطق بما فعل فما فائدة نطق غيره ، والأول أبلغ . وفى حديث مسلم ، عن أنس مرفوعا : " أنه يقال لأركانه انطقى ، فتنطق بأعماله " والآية ونحوها كالأحاديث كالنص فى أن المشرك مخاطب بفروع الشريعة ، وبأن هذه الأعضاء هى التى كانت فى الدنيا إذ كانت تنطق بما فعلت لا غيرها مثلها ، ولا الجسد غير الذى فى الدنيا ، بل الذى فيها ، وهل علمها بما تنطق به محدث فى الموقف ، قيل : نعم ، وقيل : علمت به فى الدنيا ، وهى فى الدنيا عاقلة ولا تنساه وإن نسيته رده الله تعالى اليها ، فتشهد به كما قيل : ان الأشياء كلها حتى أعضاء المشرك تسبح الله عز وجل فى الدنيا ، والمراد فى الآية التمثيل لما ينطق من الجوارح لا خصوص الأيدى والأرجل بدليل الأحاديث .