Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 69-69)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أى كل ما يقول لكم محمد صلى الله عليه وسلم من أمر الدين والبعث ، والإخبار عن الأمم ، والوعد والوعيد ، على المسخ وغيره ، هو حق من عندنا لا تهمة فيه ، وليس منه ، ولا هو شاعر فتتهموه كما تكذب الشعراء ، ويهيمون فى كل واد حتى قيل فى شأن الشعر : أعذبه أكذبه ، والشعر كلام موزون بوزن مخصوص قصدا ، وما وافق الوزن فيه فليس ، بشعر ، لأن لم يقصد أن يقرأ كقراءة الشعر ، والله عالم بأن ذلك البعض على وزن الشعر ، والقرآن فى التوحيد وأمور الشريعة خاصة بخلاف الأشعار ، فانها فى غير ذلك إلا ما شذ ، وله صلى الله عليه وسلم براهين تقوية : منها بلاغة القرآن التى لا تطاق ، وقد أدركت منها كثيرا بقدر طاقة المخلوق والحمد لله ، وبعضها تتنور فى قلبى ، ويعجز لسانى عن بيانها إلا باطالة كلام ، وما اتزن منه يقرؤه صلى الله عليه وسلم كقراءة النثر كما نقرأه ، وذلك مثل قول بعض : @ يا صاحب المسح تبيع المسح @@ قرأه كالنثر ، وسمعه أبو العتاهية فقال : @ فإن عندى إن أردت ربحا @@ والرجز شعر فلا يقوله النبى صلى الله عليه وسلم ، ولو كانوا يقولون فلان راجز ، وقبلان شاعر ، وإن قلنا ليس شعرا فلا يقدح به ، ولو قراه بوزنه فكيف وهو لا يتمه ، وقد قيل : إنه قال : @ أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد المطلب @@ فنقول أنه قرأه نثراً ، وقيل بوزنه ، ولكن كسره لسانه بفتح باء كذب ، أو ضمة مع تنوينه ، وكسر باء المطلب مع أن هذا مجزوء ، وهو ماحذف منه جزء ، أعنى مستفلعن أربعا ، والخليل يقول مجزوء الرجز ليس شعرا وكذا منهوكه ، ومع ذلك قيل : ليس المراد أنه لا يقدر على أن يحكى شعر الغير ، بل لا يقوله من نفسه ، وقد روى أنه حكى بيت ابن رواحة : @ يبيت يجافى جنبه عن فراشه إذا استقلت بالكافرين المضاجع @@ كما هو أنشد كذلك : @ ما أنت إلا أصبع دميت وفى سبيل الله ما لقيت @@ وقول ابن رواحة قال : @ ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزود بالأخبار @@ وإنَّما هو : @ ويأتيك بالأخبار من لم تزود @@ وقال : @ كفى بالإسلام والشيب ناهيا @@ وإنَّما هو : @ كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا @@ وقال : @ أتجعل نهبى ونهب العبيد بين الأقرع وعيينه @@ وإنما هو بين عيينة والأفرع وقال : @ ألم تريانى كلما جئت زائرا وجدت بها وإن لم تطيب طيبا @@ إنما هو : @ بها طيبا وإن لم تطيب @@ كل ذلك أشعار لغيره يقرؤها على وزنها ، لا كالنثر لكن يكسرها ، ويقول الصديق : إذا كسر إنما قال صاحبه كذا أو يقول والله ما أنت شاعر ولا راوية ، وعن عائشة ما أتم بيتا إلا قول بعض : @ تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشىء كان إلا تحققا @@ وعليه فانما قال : وما لقيت فى سبيل الله ، وعن عائشة : أبغض الكلام الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر ، أى الإكثار منه ، وما كان منه فى حرام ، وعن الخليل : كان الشعر أحب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام ، أى ما كان منه فيه حكمة أو أمر شرعى ، وقوله : إن هو إلخ معناه ما الكلام الذى يقوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وتنسبونه الى السحر والكذب والشعر ، إلا ذكر أى عظة وقرآن ، أى شىء سماوى يقرأ ظاهر أنه من الله عز وجل وأنه حق :