Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 75-75)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال } الله عز وجل توبيخا وإنكارا { يا إبليسُ ما منَعَك أن تَسْجُد } من أن تسجد ، أى من السجود ، أو ما منعك السجود ، فانه قد يتعدى لاثنين { لما خَلقْتُ بيَديَّ } أى لمن خلقت ، فما واقعة على العاقل كما تقع على الجماد ، وسائر الحيوان ، أو لما كان شيئا جديدا غير معروف ، عبر عنه بما ، أو ما مصدرية والمصدر بمعى مفعول ، أى لخلقى أو مخلوقى ، وانما صرنا الى هذا لتأويل ما لا عبثا . واليدان تعظيم له عليه السلام وتأكيد للقدرة ، والشىء المعتنى به يعمل باليدين ، وهو من غير أب وأم ، وفيه علوم ومزايا ليست للملائكة ، وأنه طين ثم لحم ودم وعظم ، ثم حياة وقوة وعلم ، ومن كان ذلك حاله حقيق أن يعظم ويسجد له ، إذ أمر الله تعالى بالسجود له ، أو اليدان لأن له أفعالا ملكية تناسب اليمين ، وأفعالا حيوانية تناسب الشمال ، ولا يد لله حقيقة ، أو اليد النعمة والتثنية لتأكيد النعمة ، أو لنعمة الدنيا ونعمة الآخرة ، ولا بأس أن تقول بيدى تأكيد لكنه خلقه ، وتحقيق ، كما يقال : هذا رأيته بعينى ، أو هذا كتبته بيدى ، أو قلته بلسانى على أن يرجع هذا التأكيد لتعظيمه ، كأنه قيل حقيق أن تسجد لما تحقق أنه خلقته بيدى . قال ابن عمر : " خلق الله أربعة بيده : العرش ، وجنات عدن ، والقلم ، وآدم ، ثم قال لكل شىء كن فكان " رواه البيهقى ، وثم الترتيب الذكرى ، والتراخى الرتبى ، ويروى أن الله تعالى كتب التوراة بيده ، ولا يخفى أن ذا اليدين يباشر الأعمال ، فغلب الفعل بهما على سائر الأعمال ، حتى يقال فى عمل القلب : إنه مما عملته يده ، ويقال لمن لا يدين له : عملته يداك ، ومنه مما عملت أيدينا ، ولما خلقت بيدى ، ويروى أن الملائكة قالوا : أجعل لآدم وذريته الدنيا ، ولنا الآخرة ، فقال الله عز وجل : " وعزتي وجلالي لا أجعل من خلقته بيدي كمن قلت له كن فكان " . { أسْتَكْبرت } بفتح الهمزة للاستفهام التوبيخى ، وهمزة الوصل المذكورة محذوفة لفظا وخطا ، أى أتكبرت من غير استحقاق وهو فوقك { أمْ } متصل { كُنْت مِن العَالِينَ } ممن هو فى الحقيقة أعلى منه شأنا ، فظهر لك أن لا تسجد له ولو أمرتك بالسجود ، أو أحدث لك التكبر بعد الاتضاع لأمر الله ، أو أحدث لك استحقاق رفعة وأنت قبل ذلك لم تكن برفيع ، أم كنت عاليا عليه من أول مرة حقيقة ، أو مدعيا للرفة من أول مرة ، ولفظ كنت أنسب بهذه الأوجه غير الأول ، إذ لم يقل أم أنت من العالين ، كذا قيل ، وقيل : من العالين من الملائكة العالين على من سواهم من الملائكة لا يعرفون أحدا معهم إلا الله والإكباب على طاعته لم يؤمرا بالسجود لآدم ، ويسمون المهيمين . وقيل : { من العالين } من ملائكة السماوات على أنه أمر بالسجود ملائكة الأرض فقط ، والصحيح أن الملائكة كلهم أمروا بالسجود له ، وأجاب قوله : { أستكبرت } إلخ بقوله : { أنا خير } [ ص : 76 ] كما قال .