Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 17-18)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والَّذينَ اجْتَنبُوا الطَاغُوت } فلعوت من الطغيان ، بزيادة الواو والتاء ، وأصل الألف ياء أو واو من طغا يطغو ، أو طغى يطغى بفتحهما ، كما يقال : الطغيان والطغوان ، قدمت اللام على العين ، واللام واو أو ياء مفتوحة ، هكذا طوغوت وطيغوت ، فقلبت ألفا لتحركها بعد فتح كما وقع التقديم بهم فى صاقعة من صاعقة ، والطاغوت الكاهن والشيطان ، وكل رأس فى الضلال ، والساحر والمتعدى ، وكل معبود من دون الله مريد للعبادة ، أو صنم لا ارادة له ، والمارد من الجن ، والصارف عن الخير ، وقيل حقيقة فى الشيطان ، يطلق على الواحد فصاعدا ، ولعل أصله مصدر ، جعل اسما للمبالغ فى الطغيان فصح اطلاقه على القليل والكثير ، كما استعمل فى الآية للجماعة فأنث بتأويل الجماعة إذ قال : { أنْ يعْبُدوها } فى تأويل مصدر بدل اشتمال ، أى عبادة تلك الجماعة من الأصنام أو الجن أو الآدميين . { وأنابُوا إلى الله } بالعبادة معرضين عن غيره { لَهُم البُشْرى } بالسعادة والجنة على ألسنة الرسل فى الدنيا ، جزما لبعض ، وعلى شرط البقاء على الحق لبعض ، وعلى ألسنة الملائكة عند الموت ، وعند الحشر { فبشر عِبَاد * الذين يسْتمعون القَول فيتَّبِعُون أحْسَنه } أى فيبشرهم بالاضمار الذين اجتنبوا الطاغوت ، وأنابوا الى الله عز وجل ، وأظهر ليصفهم باستماع القول ، واتباع أحسنه ، وهم على العموم هنا وهنالك ، وقيل : على الخصوص بحسب النزول ، قيل : نزلت فى زيد بن عمرو بن نفيل ، وسلمان ، وأبى ذر ، كانوا فى الجاهلية يقولون لا إله إلا الله ، وقيل فى عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبى وقاص ، وسعيد بن زيد ، والزبير ، لما أسلم أبو بكر جاءوه وقالوا : أسلمت ؟ فقال : نعم ، فذكرهم بالله تعالى فآمنوا ، ويعتبر عموم اللفظ ، والقول عام وأحْسنه ما كان منه حقا ، وهو خارج عن التفضيل ، أو باق عليه ، فيتبعون العفو ويتركون القصاص والانتقام الجائز ، ويتركون إظهار النفل إلا لداع ، ويتبعون أسراره ، ويتبعون الطاعة الواجبة قبل المندوب اليه ، والقرآن قبل غيره . وهكذا كل حسن وأحسن يتبعون الأحسن ، ومن الحسن المباح ، وإذا عرض ندب وواجب سارعوا الى الواجب ، والقول قول الله تعالى وقول غيره ، فما ذكر الله عز وجل أنه قبيح اجتنبوه ، وما ذكر أنه حسن أو أحسن اتبعوا أحسنه ، ويجتنبون قول الناس القبيح ويتبعون أحسنه وحسنه ، ويقدمون الأحسن ، والذين نعت ولو وقف على عبادى وأخبر عن الذين بقوله { أولئك الَّذين هَداهُمُ الله } لكان العباد هم الذين اجتنبوا الطاغوت المعهودين ، لكن لا يحمل الكلام على ذلك الوقف { وأولئك هُم أولوا الألباب } القلوب الخالصة التى لا يؤثر فيها الهوى ولا الشبهة .