Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 6-6)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ خلَقَكم } أيها الناس ، أو أيها المشركون لم يعطف على خلق السماوات لاستقلاله بالدلالة على أنه تعالى واحد قهار ، ولتعلقه بالعالم السفلى ، وقدم ذكر خلق الانسان على خلق الأنعام لعقله ، وقبول التكاليف { مِن نفسٍ واحِدةٍ } آدم عليه السلام بلا أب ولا أم { ثمَّ جَعَل منْها زوجَها } حواء ، ثم لتراخى الزمان ، إذ هو الأصل فيها ، والمراد بخلقكم إخراجكم من آدم كالذر ، وهو متقدم على خلق حواء ، ويكفى فى التراخى مدة ولو قصيرة ، ولا سيما أنها طالت بين الاخراج كالذر ، وحين خلق حواء منه ، ويجوز أن يكون التراخى رتبيا على أن خلقها من ضلع أعظم من خلقهم من نطفة ، على أن المراد بخلقهم من نطفة وهو متأخر عن خلقها زمانا ، وقد يكون خلقهم من نطفة أعظم من خلقها من ضلع ، لأن النطفة ميتة ، والضلع حى ، ولكونها بتغيير بعضه عن حاله الأول ، عبر الجعل فليس التعبير به لكون خلقها أعظم من خلقه . روى أنه أخرج ذريته من ظهره كالذر ، ثم خلق زوجه من قصيرى ضلعه الأيسر أسفل الأضلاع ، وبقى بعضه ، أو جعل كله حواء ، فالعطف على خلقكم بمعنى أخرجكم مجازا ، ويجوز عطفه على نعت ثان محذوف ، أو على مستأنف للبيان أى خلقها ، ثم جعل منها ، ويجوز عطفه على واحدة ، ولو تغلبت عليه الاسمية لجواز ملاحظة الحدث فيه ، أى وحدت ثم جعل منها مع عدم شهرة فعل الوحدة الثلاثى . { وأنْزل لَكُم مِن الأنْعام } أثبت لكم فى اللوح المحفوظ ، وعبر بالانزال عن الاثبات ، لأن المثبت فى اللوح المحفوظ تنزل الملائكة باظهاره على الاستعارة الأصلية واشتق منه أنزل على التبعية ، والجامع الظهور بعد الخفاء ، فإنه ظاهر فى الخارج بالاثبات فى اللوح ، أو على المجاز الارسالى ، فالتبعى لعلاقة السببية أو اللزوم ، فثبوته فى اللوح سبب لنزوله وملزوم له ، ويجوز ابقاء الانزال على حقيقته ، وهو انزال المطر الذى هو سبب حياتها ، لأنها لا تعيش إلا بالنبات ، ولا نبات إلا بالماء ، وهو ينزل من السماء فكأنها نزلت من السماء ، وذلك متبادر ، ولا دليل على ما قيل إنها خلقت فى الجنة مع آدم ، ثم أنزلت منها ، ومن للبيان متعلقة بمحذوف حال من قوله : { ثمانية أزْواجٍ } ذكور الضأن والمعز ، والبقر والإبل ، وإناثها ، والعطف على خلقكم أو على جعل على أن ثم لغير ترتيب الزمان ، لأن الصحيح ، أن الأنعام وغيرها من الحيوان ، خلقت قبل آدم ، وضعف القول بأن الأنعام خلقه ، وقدم لكم بطريق الترغيب والاعتناء بما صدر والتشويق الى ما أخر { يخْلُقكُم } خطاب لبنى آدم المخاطبين بقوله : " خلقكم " وإن جعلناه للأنعام ولبنى آدم ففيه تغليب العقلاء على غيرهم فى الضمير ، والمخاطبين على ما استحق كلام الغيبة من أن يقال يخلقها { فى بُطُون أمَّهاتِكمْ خلقا من بعْدِ خَلْقٍ } علقة بعد نطفة ، ومضغة بعد علقة ، وعظما بعد مضغة ، ولحما وجلدا وعروقا عظم ، وهذه الأطوار فى بنى آدم والأنعام ونحوها ، ومن متعلق ، بخلقا أو بيخلق ، بمحذوف نعت لخلقاً { في ظلمات } لا يتعلق بيخلق ، لأنه قد علق فيه فى بطون وحرفا جر لمعنى واحد لا يتعلقان بعامل واحد إلا على التبعية ، كما اذا جعلنا فى ظلمات بدلا من { في بطون } ويجوز تعليقه بخلقا { ثلاثٍ } ظلمة البطن ، والرحم والمشيمة ، وقيل : ظلمة الصلب ، والبطن ، والرحم ، فى هذا المشيمة ، ولعل إلغاءها لأنها لا يلزم أن تكون ، وعلى كل حال ألغى صرد المرأة ، مع أن ماءها منه ، كما أن ماء الرجل من ظهره ، ولعل إلغاءه لقلته . { ذَلكم } الفاعل لما ذكر { الله } المستحق لا ألوهية لفظا ومعنى ، ولا يستحق الألوهية لفظا ولا معنى غيره ، لأنه لا يفعل فعله ، وهو خبر أو بدل أو بيان أو نعت على التأويل بالمعبود { ربُّكم } خبر ثان ، أو خبر أو بدل أو نعت بمعنى المربى لكم فى تلك الأطوار ، وبعدها { لَه المُلْك } خبر ثان أو ثالث أو خبر { لا إله إلا هُو } خبر آخر ، أو خبر والأولى أنه مستأنف { فأنَّى } كيف { تُصْرفُون } عن عبادته واعتقاد ألوهيته ، مع كمال الدواعى إليهما وانتفاء الصوارف .