Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 107-108)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } هم طعمة وقومه ، أو بنو أبيرق ، أو مطلق الخائنين ، ودخل طعمة وقومه فيهم ، وذلك أن خيانتهم لغيرهم خيانة لأنفسهم ، إذ أوقعوها فى موجب العقاب ، بيتو أن يشهدوا صباحا بالسرقة على اليهودى ، دفعا عن طعمة ، أو شبهت المعصية بالخيانة للنفس ، أو الخيانة المضرة مجازاً ، وفى قوله يختانون وقوله { إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } مبالغة بالافتعال ، وفعال وفعيل ، لأن من طبعه السرقة ، وقد تكررت منه فى الجاهلية ، وعلم قومه بتكررها ، حتى إنه مات فى مكة بعد ذلك تحت حائط نقبه للسرقة ، أو هم بنو أبيرق ، وصيغة المبالغة للنسب ، فشملت ما لا مبالغة فيه ، أو مراعاة الحال من الآية فى شأنه ، وفيه ما فى : { وما ربك بظلام للعبيد } [ فصلت : 46 ] . من الأوجه ، وذكر الإثم بعد الخيانة مبالغة ، أو الخيانة باعتبار إنكار السرقة ، أو إنكار الوديعة ، والإثم باعتبار تهمة البرىء ، كما قيل عن ابن عباس ، وآخر ، لأنه مسبب عن الخيانة ، ولتأخر وقوعه عنها وللفاصلة { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ } حال فعل المعصية أو ما يعاب ويعد فعل ذلك حياء وخوفاً { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } الجملة حال أو معطوفة ، والمراد أنهم لا يقدرون على الإخفاء عن الله { وَهُوَ مَعَهُمْ } بالعلم ، فهو أحق بأن يستخفوا منه ، أى بأن يتركوا ما نهى عنه ، خوفا لعقابه ، فسمى الترك استخفاء ، بجامع عدم الظهور ، فإنه كما لا ظهور فى موجود مخفى لا ظهور فى معدوم ، وفيه مشاكلة { إذ يُبَيِّتُونََ } يدبرون ليلا { مَا لاَ يَرْضَى } أى الله { مِنَ القَوْلِ } البهتان ، وشهادة الزور ، واليمين الفاجرة ، قال طعمة : أرمى اليهودى بأنه سارق الدرع ، وأحلف إنى لم أسرقها ، فتقبل يمينى ، لأنى على دينهم ، ولا تقبل يمين اليهودى ، وقال قومه : نشهد زوراً لدفع السرقة ، وعقوبتها عن من هو واحد منا ، وذلك تدبير ليلا ، ولذلك عبر عنه بالتبييت ، أو إطلاق للمقيد على المطلق ، أو استعارة لجامع الاتفاق ما دبر ليلا وقت الخلو أَجود وسمى التدبير ، وهو مبنى فى النفس قولا ، بناء على ثبوت الكلام النفسى ، ولا بأس به فى المخلوق ، أو ذلك تلفظ صدر منهم ليلا { وَكَانَ اللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } فلا يفوته عقابهم ، ويروى أن بشراً أخا بشير ومبشر وهم بنو أبيرق من بيت قتادة بن النعمان رضى الله عنه ، كان منافقاً يقول الشعر فى ذم الصحابة وينسبه لغيره ، ويتهمونه به ، ونقب غرفة رفاعة بن زيد ، وسرق منها دقيق الحوارى وسلاحاً ، فذكر ذلك لابن أخيه قتادة ، فقيل له : قد استوقد بنو أبيرق وما نرى إلا على طعامكم ، وهم فقراء في الجاهلية والإسلام ، وأنكروا ، وبهتوا بذلك لبيد بن سهل فأتاهم بسيفه ، فقال لهم : والله لتبيننه أو لأقتلنكم ، فقالوا : والله ما سرقت ، فاستعانوا بأسير بن عروة وغيره ، أنهم ما سرقوا ، فقالوا : إن قتادة يا رسول الله نسب أهل صلاح إلى السرقة فزجره وأخبر عمه رفاعة ، قال رفاعة : الله المستعان ، فنزلت الآيات فى بشر ، فقال رفاعة : ذلك السلاح فى سبيل الله ، قال قتادة ، ومن حينئذ زال شكى فى إخلاص إيمانه .