Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 114-114)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } نجوى الناس عموما ، وليس المراد قوم طعمة بن أبيرق كما قيل ، والنجوى ما يتحدث به اثنان فصاعدا ، منحازين به عن غيرهم ، كذا ظهر لى ، ثم رأيته للزجاج ، وانحيازهم به مسارة عن غيرهم ولو جهروا به فيما بينهم ، وشرط بعض الأسرار بينهم ، أو النجوى المتناجون ، والمفرد نجى كمريض ومرضى ، أو التناجى { إلاّ مَنْ أَمَرَ } منهم غيره ، أى إلا نجوى من أمر ، أو إلا أمر من أمر ، أو الاستثناء منقطع ، وإن أريد بالنجوى المتناجون كان متصلا ، فإنه يكفى فى صحة الاتصال صحة الدخول فيما قبل إلا ، ولو لم يجزم به ، نحو جاءنى كثير من الرجال إلا زيداً ، وشرط بعضهم الجزم ، فيكون المثال من المنقطع ، وكذا الآية { بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ } أى إلا متناجين ، أمروا بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ، أو إلا تناحى من أمر ، والصدقة تشمل الواجبة وغيرها ، والمعروف ما يستحسنه الشرع ولو أنكره العقل ، لأنه لا نقول بالتحسين والتقبيح العقليين ، وذلك كالكلمة الطيبة لأهله ، وتعليم العلم ، والأمر والنهى ، وإغاثة الملهوف ، وإعانة المحتاج ، والقرض ، قالت أم حبيبة رضى الله عنها : إن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " كلام ابن آدم كله عليه ، لا له ، إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهى عن منكر ، أو ذكر الله " ، والمعروف يعم الصدقة ، خصها بالذكر تعظيما لها ، وخص الثلاثة لأن عمل الخير فى حق الغير ، إما إيصال النفع بالمال وهو الصدقة ، وإما بمنفعة روحانية وهى الأمر بالمعروف ، وإما دفع الضر وهو الإصلاح بين الناس فى فساد فى واقع أو مشرف عليه ، كذا قيل ، وبقيت المنفعة بالبدن ، وعن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصدقة إصلاح ذات البين " ، وعن أبى الدرداء - مرفوعا - " إصلاح ذات البين أفضل من الصوم والصدقة والصلاة " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى أيوب الأنصارى ، فى رواية البيهقى عنه : " يا أبا أيوب ، ألا أدلك على صدقة يرضى الله تعالى ورسوله موضعها ؟ قال : بلى . قال : أن تصلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقرب بينهم إذا تباعدوا " ، وفى رواية : " ألا أدلك على صدقة ، هى خير لك من حمر النعم ؟ قال : نعم يا رسول الله . قال : أن تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا " ، قالت أم كلثوم بنت عقبة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : بقول : " ليس الكذاب بالذى يصلح بين الناس ، فينمى خيرا ، أو يقول خيرا " ، رواه البخارى ومسلم وأبو داود ، وليس فى الآية فعل الصدقة والمعروف والإصلاح ، بل الأمر بهن ، ففى الآية الآمر بالخير كفاعله ، وفيها جواز أن تقول للإنسان تصدق بكذا من مالك للفقراء ، أو على الناس ، أو على فلان ، أو فى وجه كذا من وجوه الأجر ، وفى الفروع منع ذلك ، ووجهه خوف أن يعطى بلا طيب نفس حياء ، فنقول تحمل الآية على الأمر تعميما ، أو حيث لا يعطى إلا بطيب نفس ، وذلك أمر الإنسان غيره بالفعل ، وذكر نفس الفعل المأمور به فى قوله { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ } أى من يتصدق أو يعمل معروفا أو يصلح بين الناس ، ويجوز أن يراد يفعل ذلك الآمر به المذكور ، أى ومن يأمر بذلك ، فيفهم الفعل بالأولى ، والأمر فعل ، أو عبر بالفعل ليشمل الإشارة ، والكتابة فى إيقاع ذلك ، وفى الأمر به ، ولأن المقصود الترغيب فى الفعل ، وإما أن يراد بالفعل ما يعم الأمر بذلك وفعله ، فجمع بين الحقيقة والمجاز ، أو من عموم المجاز ، والمراد بقوله ، ذلك ، بعض ذلك ، أو المراد ما ذكر على ما فى الآية من أو { ابْتِغآءَ مَرْضَاتِ اللهِ } لا رياء أو سمعة ، أو غرضا دنيويا ، والأعمال بالنيات ، والرئاء محبط للعمل ومهلك ، وذكر الغزالى أنه إذا كان الإحلاص غالبا أثيب وإلا أحبط ، وقيل يثاب على قدر الإحلاص ولو قل { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } يستحقر عنده كل ما فعله من الخير .