Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 119-119)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ } عن الحق إلى الباطل بالوسوسة والتزيين ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " خلق إبليس مزينا ، وليس له من الضلال شىء " ، بمعنى أنه لا يخلق لهم الضلال ، إذ لو كان له شىء من الضلال سوى الدعاء إليه لأضل جميع الخلق ، ومعنى قول أبى نصراء ، أقل من ينجو من الإنس والجن أنه لا ينجو أحد ، فذلك من القلة بمعنى النفى { وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ } أصبرهم متمنين المال والأهواء الباطلة الداعية إلى المعصية والشهوات وطول العمر ، وأن لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار ، ونيل الحظ الوافر من فضل الله فى الآخرة إن كان البعث حقا { وَلآمُرَنَّهُمْ } بالتتبيك ، أى بالمبالغة فى بنك آذان الأنعام ، أى قطعها ، أو بكل معصية على العموم ، كما يدل له حذف المعمول { فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الأَنْعَامِ } يقطعون أذانها من أصلها ، أو يشقونها حجزا عن استعمالها وأكلها ، وحصرا لها على الأصنام ، وعن أن تمنع من ماء أو مرعى ، وذلك فى ناقة ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر ، وقيل سبعة ، وخصوها باسم البحيرة ، وفى ناقة يقول صاحبها إن شفيت أو إن قدم غائبى ، أو إن وصلت إلى وطنى ، أو إن ولد لى ذكر أو نحو ذلك فهى سائبه ، وقد يسبها من كثر ماله شكراً لله عز وجل ، وإن ماتت السائبة أكلها الرجال والنساء ، وفى شاة ولدت سبعة أبطن آخرها ذكر وأنثى ، وتسمى وصيلة وصلت أخاها عن الذبح ، إذ لو كان وحده لذبح لأصنامهم وأكله الرجال خاصة أو كان أنثى فكسائر الغنم ، وفى جمل ولد ولدُ ولدِه ، وقيل ركب ولدَ ولدِه ، وإن مات أكله الرجال والنساء ، وكل هؤلاء يشأق ذنه علامة { وَلآمُرَنَهُمْ } بتغيير خلق الله { فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ } بغير الختان كنتف اللحية ، ونتف الشارب ، وقص اللحية وحلقها ، ومنها ما تحت اللحيين ، ويجوز حلق ما فى العنق إلى أن يصل باطن اللحيين ، فكيف والخطاب بالسواد لغير الجهاد ، واللواط وسحاق النساء ، لأنهما تغيير للجماع والحرث ، والجماع باليد أو غيرها كذلك وتخنث الرجال ، وترجل النساء ، والوشم ، وخصاء العبد ، والحيوان ، ونتف شعر الحاجبين ليرق ، أو نتف شعر ما فوق الجبهة ، ووصل الشعر ، ونتف الرجل شعر عانته ، فإن السنة الحلق أو النورة ، ويجوز قصة وترقيق الأسنان ، أو جعل الخلل بينهما فإنه حرام ، وتحمير الوجه ونقطه ، والناصية ، والدلال ، ورخص فى التحمير والنقط ، والوصل ، تزييناً لزوجها لاغشَّا لمريد تزوجها ، ورخص فى الدلال ، والناصية العروس ، وفى خصاء الحيوان إذا دعت الحاجة إليه ، ودخل فى التغيير عبادة الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والحجارة ، وغيرها إذا خلقت لغير ذلك ، وسائر الكفر والمعاصى ، وتضييع المال واستعماله فى المعصية ، واستعمال الجوارح فى المعصية والمكروه ، فإن ذلك تغيير للصفة الموضوع لها الشىء ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " كل مولود يولد على الفطرة " … الحديث ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم ، رواه البيهقى عن ابن عمر ، وأجازه بعض فى الحيوان ، وأجاز ابن سيرين خصاء الفحول ، وكذا الحسن ، وأجازه عطاء إن كانت تعض وساء خلقها ، ومنع النووى خصاء الحيوان الذى لا يؤكل ، وأجاز خصاء ما يؤكل إذا كان صغيراً قصداً لطيب لحمه { وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيَّاً مِّن دُونِ اللهِ } بمخالفة ما دعا إليه الله ما دعا إليه الشيطان ، وذكر من دون الله تصريحاً بالواقع كالصفة الكاشفة ، لأن اتباعه مناف أبداً لاتباع أمر الله عز وجل { فَقدْ خَسِرَ خُسرَاناً مُّبِيناً } بتضييع ما له فى الجنة من النساء ، والأملاك والخدم ، وأحد ما للمؤمن فى النار من العذاب الدائم متعوضاً فى ذلك النعم الدنيوية القليلة الناقصة الفانية المتنغصة بالهموم والأحزان .