Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 11-11)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُوصِيكُمُ اللهُ فِى أَوْلآدِكُمْ } يعهد إليكم فى شأن إرث أولادكم ، أو يفرض عيكم ، كقوله : { ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق } [ الأنعام : 151 ، الإسراء : 33 ] ، ذلكم وصاكم به أى فرض عليكم ، أو لأولادكم ، كحديث ، دخلت امرأة النار فى هرة أى لهرة ، والإيصاء لغة طلب الشىء من غيره ليفعله فى غيبته حال حياته أو بعد موته ، أو الإيصاء أن يقدم إلى الغير ما يعمل فيه مقترنا بوعظ ، والخطاب للمؤمنين أى يوصيكم الله فى أولاد موتاكم فإيصار الله تعالى أمر لعباده بإطلاق المقيد على المطلق ، ثم على المقيد ، فيكون مجازاً بمرتبتين ، أو بإطلاق اسم الملزوم على الللازم فيكون مجازاً بمرتبة { لِلذْكَرِ } منهم { مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } حين اجتمع الصنفان ، لم يقل للأنثيين مثل حظ الذكر ، أو للأنثى نصف الذكر مع أن الآية لبيان استحقاق الإناث الميراث ، إذ حرموهن ، تلويحاً بأنه يكفى فى الذكر تفضيلا أن يجعل ضعف أنثى لا أن تحرم ألبتة ، لأنهما جزء من الميت ومن صلبه ومائه كما هو { فَإِن كُنَّ } ضمير الإناث للأولاد ، هكذا بقطع النظر عن كونهم ذكوراً أو إناثا ، وساغ لتأنيث الخبر ، ومقتضى الظاهر فإن كانت أى الأنثى ، والمراد الجنس ، وجاء بضمير جماعة الإناث ، لأن الخبر فى ذلك ، واثنتان جمع ، وأخبر عنه بمعنى الجمع لزيادة قيد الفوقية ، ولا يصح ما قيل من أَن المراد ، فإن كانت المولودات لأنهن نساء ، أى إناث فلا يصح الشرط { نِسَآءً } إناثاً بلغا أو غير بلغ ، ومما قيل ولا دليل له ، أن حواء أكلت حفنة من حنطة وخبأت أخرى ، وأعطت آدم حفنة فعكس الله أمرهما بأن للأنثى حصة والذكر حصتين ، ولم ترث فاطمة رضى الله عنها من أبيها صلى الله عليه وسلم شيئاً لشهادة الإمام على وغيره من الصحابة بحديث : " إنا معشر الأنبياء ، لا نورث ، ما تركناه صدقة " والقرآن يخصص بالمتواتر إجماعاً ، وبالآحاد على الصحيح ، وأما ورث سليمان داود ويرثنى ويرث من آل يعقوب فإرث علم وحكمة ونبوءة كما قال جعفر الصادق : العلماء ورثة الأنبياء { فَوْقَ اثْنَتَيْنِ } ثلاثا فصاعدا { قَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } وللواحدة والاثنتين النصف ، وهو قول ابن عباس ، وقل الجمهور للانثتين الثلثان أخذا من أن حظ الذكر حظ أنثيين إذا كان معه أنثى ، وهو الثلثان فإنما ذكر الفوقية دفعاً لتوهم الزيادة على الثلثين بزيادة الإناث على الاثنتين ، وأخذا من أن للأخت الثلث مع أخيها فأولى أن نستحقه مع أخت لها وأن البنتين أقرب من الأختين ، وقد فرض لهما الثلثان فى قوله عز وجل : فلهما الثلثان ، فأولى أن يفرضا للبنتين ، مات سعد وأخذ أخوه ماله كله فشكت زوجه إليه صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أعط ابنتيه الثلثين ، وأمهما الثمن وما بقى فهو لك " ، وروى أن ابن عباس رجع إلى قول الجمهور لهذا الحديث إذ بلغه { وَإن كَانَتْ وَاحِدَةً } بنت واحدة ، إى حصلت { فَلَهَا النِّصْفُ } مما ترك كما ذكر ، قبل ، وبنت الابن بالبنت وبناته كبنات الصلب وإن سفل { وَلأَبَوَيْهِ } أبوى الميت { لِكُلَّ وَاحدٍ } بدل بعض من لأبويه ، والبعضية باعتبار ما بعد اللام { مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ } لو قال لأبويه السدسان لكان ظاهراً فى اشتراكهما فى السدس ، ولو قال لكل واحد من أبويه السدس فاتت نكتة الإجمال والتفصيل من بيان بعد إجمال ، وهو أدخل فى النفس ومن الذكر مرتين { إن كَانَ لَهُ وَلَدٌ } مفرد أو متعدد ، ذكر نصف البنت أو ثلثى البنتين للأب بالعصبة مع سدسه وإن كان الولد ذكراً أو مع أنثى فما للأَب إلا سدس والباقى للأَولاد وكالأب والجد { فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ } ذكر ولا أنثى ، ولا ولد ابن كذا ولو سفل { وَوَرِثَهُ أَبوَاهُ } فقط { فَلأُِمِّهِ الثُّلُثُ } والباقى للأَب بالعصبة ، وهو الثلثان ، فإن ورثة أحد الزوجين أوالأزواج معهما كان للأم ثلث مابقى عن فرض الزوج الذكر ، أو عن فرض الزوج الأنثى أو لزوجين الأنثيين فصاعدا ، حتى يكون ميراث الأب ، والأم أثلاثاً بينهما كذلك ، وقال ابن عباس لها ثلث كامل ، ووافقه ابن سيرين فى الزوج الأنثى مع الأبوين ، لأنه لا يفضى إلى أن يكون للأنثى أكثر من حظ الذكر ، بخلاف الزوج الذكر فيقضى إلى أن يكون لها اكثر مما له مع تساويهما فى الأبوة والقرب وألفت رسالة فى تصحيح مذهب ابن عباس ، ولو كان لا يفتى به ، وإن أفتى به نقص عند بعض شراح الزقاق ، والجمهور ، ولا ينقضه أبو عبد الله الغرناطى ، كيف ينقض مع أنه الحق ، وليس زيد بن ثابت جبريل الفرائض ولا نحن حمر الفرائض : @ شَمِّرْ وَكُنْ فِى أُمُورِ الدِّينِ مُجْتَهِداً وَلاَ تَكُنْ مِثْلَ عَيْرٍ قِيدَ فانْقَادَا @@ وبسطت المسألة فى شرح النيل وشرح الدعائم ، وإن ورثه الجد وأحد الزوجين فللأم ثلث المال { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ } شقيقون أو أبويون أو اميون ، ذكور أو ذكور وإناث ، أو إناث وصح اللفظ لهن لأنه لم يقصد لهن على الاستقلال ، وأما اثنان أو اثنتان أو أخ وأخت فللأم معهما الثلث لظاهر الجمع عند ابن عباس ، وقال الجمهور : إن لها السدس ، وأن المراد بالإخوة اثنان فصاعدا { فَلأُِمِّهِ السُّدُسُ } والباقى للأب أو الجد ، وإن لم يكونا فللأشقاء ، وإن لم يكونوا فللأبوين إلا الثلث فللأميين اثنين فصاعدا ، وقال ابن عباس : ثلاثة مع الأشقاء أو الأبويين ، وقال إن للأخوة السدس ، الذى حجبوا عنه الأم ، وأن الأخوات الإناث وحدهن لا يحجبنها إلى السدس وقال لعثمان : الإخوان فى لسان قومك غير الإخوة ، وكذلك الإخوة غير الأخوات ، فأجاب بأنى لا أستطيع رد قضاء قضى به الأمصار وقضى به قبلى { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ } أى ما ذكرت من قولى يوصيكم إلى قوله فلأمه السدس ثابت من بعد وصية أو يتعلق بيوصيكم { يُوصِى } أى الميت { بِهَآ } تخرج من الثلث ، ولو وصية الأقرب أو حج أو زكاة { أَوْ دَيْنٍ } تباعة من معاملة أو تعدية أو غلط أر خطأ ، وقدم الوصية مع أنها من الثلث ومؤخرة عن الدين تبطل باستغراقه المال لأنها مشبهة بالميراث ، إذا كانت بلا عوض ، والآية سيقت للميراث ، ولأنها شاقة على الورثة ومندوب إليها الجميع ، والدين إنما يكون على تكلف وأنه مكروه ، وأن مالكه متعين غالباً يطالبه ، وعطف بأو ، لا بالواو ، للتنويع ، فيفيد ، أن أيهما كان قدم على الإرث فيتحصل أن اجتماعهما كانفراد أحدهما فقدم ، وكذا إن جعلناها للإباحة على جوازها فى الأخبار ، أو لأن يوصيكم بمعنى الأمر { ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤَكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً } دنيا وأخرى ، أو إحداهما ، أى أقرب من الأخرى ، وكلاهما نافع ، أو أيهم قريب نفعا ، والآخر بعيد النفع ، أى ممتنعه ، فاللائق بكم أن تتبعوا ما أنزل عليكم من الميزات فى الأولاد والآباء والأمهات ، ولا تخالفوه إلى ما تراه أهواؤكم من أخذ الأب وحده ، ومنع الصبيان والمجانين ، والضعفاء من الأولاد ، ومنع النساء ، أمهات أو أزواجا والآباء المجانين والضعفاء فأعطوا كلا حقه من الميت ، ولعل الذى تحرمونه نافع لكم والذى تعطونه ضار ، أو غير نافع ، فقد يرفع الأب إلى درجة ابنه فى الآخرة مع أنه لم يعمل عمله ، بشفاعته ويرفع الولد إلى درجة أبيه كذلك ، كما رواه الطبرانى ، وقد ينفع الطفل بعد بلوغه أو المرأة غيرهما بالإنفاق والذب عنه فدعوهما يأخذان ما فرض لهما فقد ينفعانكم فى الدنيا بذلك ، وقد ينفعانكم بعد موتكم بالدعاء والذكر والصدقة ، وقد ينفعان موروثكم بذلك ، فأعطوهما من ماله ما فرض لهما وأيضاً لا تورثوا من شئتم وتتركوا من شئتم ، مثل أن يعهد أن ما يتركه يرثه أبوه فقط أو ابنه فقط ، فقد ينفعكم المتروك دون المعطى فى الآخرة أو فى الدنيا بالقيام بالعيال بعدكم ، وللصدقة عليكم ، وأنقذوا أيضاً وصايا الآباء والأبناء فإنهم ينتفعون فى الآخرة بوصاياهم ، ولا تعطلوها مع أنه ربما نفعوكم فى الآخرة ، ولكم الثواب بإنقاذها وقد لا يوصون فيوفرون لكم ما لهم { فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ } مفعول مطلق لمحذوف ، أى فرض الله منه ذلك فريضة ، فحذف وأخر من الله أو ليوصيكم لانه معناه فرض عليكم { إنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً } بالمصالح فى الميراث والوصايا ومراقب ذلك وكل شىء { حَكِيماً } فيما قضى ، وقدر فى ذلك وغيره .