Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 155-155)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَبِمَا نَقضِهِمْ مِّيثَاقَهُمْ } لعناهم ، يقدر لعناهم مؤخراً ، كما فى المائدة ، فهو أولى من تقدير فبما نقضهم ميثاقهم فعلنا بهم ما فعلنا من اللعن والغضب وضرب الذلة والمسكنة وغير ذلك ، مما تسبب فيه نقضهم ، وما صلة لتأكيد ، وقيل نكرة تامة ، ونقض بدل منها ، ولو علقنا الباب بحرمنا لزم تعليق حرفى جر لمعنى واحد بعامل واحد وذلك لا يجوز إلا فى العطف والبدل والتوكيد اللفظى ، وعطف البيان على القول بجوازه فى الجمل ، والجار والمجرور ، وذلك أن يظلم متعلق بحرمنا ، ودعوى أن فاء فبظلم زائدة فى البدل من قوله : فبما نقضهم ضعيف لطول ما بين البدل والمبدل منه ، ولأن الأصل عدم الزيادة ، ولا يسيغ زيادتها طول الفصل كما زعم بعض أنها زيدت ، فيعلم بزيادتها ، أنها ومدخولها بدل من الفاء ومدخولها ، ولأن الكفر والنقض وقتل الأنبياء وقولهم قلوبنا غلف ذنوب عظام إنما يناسبها العقاب العظيم لا تحريم بعض المأكولات { وَكُفْرِهِم بِأَيآتِ اللهِ } القرآن والإنجيل والتوراة ، وحججه الدالة على وحدانيته { وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } لا يكون قتل نبى حقَّا ، ولكن ذكر بغير حق زيادة تشنيع ، كأنه قيل ، وقتلهم الأنبياء مع أن قتلهم أبداً غير حق ، والمراد أنهم علموا أنه غير حق { وَقَوْلِهِمْ } للنبى صلى الله عليه وسلم { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } تأبى قبول ما تقول لبطلانه ، أو جعلت كذلك خلقة ، والمفرد أغلف ، كأفلف وقلف ، كقوله تعالى : فى أكنة مما تدعونا إليه … الآية ، أو أوعية للعلم فلا تحتاج إلى ما تقول إذ ملئت ، فالمفرد غلاف ككتاب وكتب بالإسكان من الضم تخفيفا أو جمعاً على حدة { بَلْ طَبَعَ اللهُ عَليهَا بِكْفْرِهِمْ } حجبها عن العلم ، خذلاناً عن أن يوفقها لتدبر فى الآيات لا إجباراً ، وإلا لم يذمهم ، وهى كالبيت المقفل ، والباء سببية ، أو للآلة ، وقيل : الطبع حقيق كما روى البزار والبيهقى عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم : " الطابع معلق بقائمة العرش ، فإذا انتهكت الحرمة وعمل بالمعاصى واجترىء على الله ، بعث الله الطابع فطبع على قلب العاصى فلا يعقل بعد ذلك شيئاً " { فَلاَ يُؤْمِنُونَ إلآّ قَلِيلاً } أى إلا إيماناً قليلا ، لأنهم لم يؤمنوا بكل ما يجب ، بل بنبوة موسى ولم يعملوا بها ، أو زماناً قليلا ثم يرتدون لا منصوب على الاستثناء من الواو ، لأنه يترجح الإبدال لتقدم النفى ، وقيل ، لأن الواو لمن طبع على قلوبهم ، ومن طبع على قلبه لا يؤمن ، قلت : لا مانع من إيمانه ببعض دون بعض ، فهو الإيمان القليل ، ولا من إيمانه زماناً قليلا ثم يرتد ، ولا ينفعهم ، فلا يمتنع نصبه على الاستثناء ، من الواو ، وأيضاً الإسناد فى الآية من إسناد ما للأكثر إلى الكل ، ويجوز عود الواو إلى الكفرة بلا قيد الطبع ، فيصح الاستثناء منه مع كون الإيمان صحيحاً كإيمان عبد الله بن سلام وأهله .