Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 19-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أيُُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِسّآءَ } أجسامهن كما يورث المال ، وقيل ما لهن ، كانوا يأخذونه كأنه ميراث لهم { كَرْهاً } كارهات ، أو ذوات كره ، والأصل أن لا يفسر بمكرهين أو مكرهات ، لأنه ثلاثى ، كان الرجل إذا مات عصبته أُلقى على زوجه أو على خبائها ثوبه ، وقال أنا أحق بها من أوليائها ، ومن نفسها ، ورثتها منه كما ورثت صله ، وذلك كابن الميت من غيرها ، وكأخيه ، فلا تتزوج غيره ، ويكون أمر نكاحها إليه ، إن شاء كانت له زوجا ، بلا ولى ولا عقد ولا صداق ولا إشهاد ، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ، وإن شاء عطلها عن التزوج وأساء عشرتها لعدم جمالها حتى تفتدى إليه بما وثت من زوجها ، أو بموت ، فيرثها ، وذلك قبل نزول آية الإرث ، وقيل الآية فى أنهم كانوا يرثون أنهن أزواج لهم بلا رضى منهن ، وإن ذهبت إلى أهلها قبل أن يلقى عليها ولى زوجها ثوبه فهى أحق بنفسها ، وكانوا على ذلك فى المدينة على عهد الجاهلية ، وأول الإسلام ، حتى نزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها } ، وذكر عكرمة أن أبا قيس ابن الأسلت مات عن كبيشة ابنة معز بن عاصم من الأوس ، فحبسها ابنه من غيرها فقالت يا رسول الله : لا أنا ورثت زوجى ، ولا أنا تركت فأنكح ، فنزلت الآية { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أيها الغاضبون ، لا تعطلوهن عن التزوج ، وأصل العضل التضييق ، ولا ناهية ، والعطف على لا يحل ، ومعنى لا يحل النهى ، وسيبويه أجاز عطف الإنشاء على الخبر ولو لم يكن الخبر فى معنى الإنشاء ، أو لا نافية والعطف على ترثوا ، كما قرأ ابن مسعود ، ولا أن تعضلوهن ، وكان القريشى إذا لم توافقه زوجه طلقها وأشهد أن لا تتزوج إلا برضاه ، فإن أعطته ما يرضيه تركها تتزوج ، والخطاب للورثة المتعاطفين ، أو للأَزواج ، أو الأول للورثة وهذا للأَزواج كما يأتى { لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ } فكيف بكله ، أى ببعض ما آتاهن أولياؤكم الذين غصبتم ، عمم لفظ الخطاب فى الفصل والذهاب والإيتاء ، فكان على التوزيع ، وقيل الخطاب فى يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم إلى بعض ما آتيتموهن للأَزواج ، كانوا يحبسون أزواجهم لمالهن ولا رغبة لهم فيهن لدمامتهن ، أو كبر سنهن حتى يمتن فيرثوهن ، وقد أساءوا عشرتهن ، وكان الواجب أن يحسنوا إليهن أو يطلقوهن ، أو حتى يفتدين منهم ببعض مالهن ، أو قوله يا أيها الذين آمنوا إلى كرهاً فى من يرث زوج الميت الذى هو عاصبه و ما بعد ذلك فى الرجل بجانب جماع زوجته فيجعلها كأنها غير ذات زوج ، ويناسبه مع القول قبله قوله { إلآّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِِّنَةِ } وقوله { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } الخ ، ويبحث أن لا يخاطب متعدد بعبارتين إلا بقرينة ، كقوله تعالى : { يوسف أعرض عن هذا واستغفرى لذنبك } [ يوسف : 29 ] ، فلا يقال قم واقعد خطاباً لزيد وعمرو ، والفاحشة المبينة كالنشوز عنه فى فراشه ، أو كلامها ، أو فيما يجب عليها أن تطاوعه فيه ، والبروز للرجال ببدنها أو ثيابها المزينة ، أو رائحتها أو كلامها بحيث لا يجوز ، وعن أبى قلابة وابن سيرين الزنا ، ومصدر يأتين ظرف أى إلا وقت إتيان بفاحشة ، أو مقدر باللام ، أى لا تعضلوهن لعلة إلا لإتيان بفاحشة بينة ، أى ظاهرة ، وعلى أن الآية فى إرث الإنسان نكاح زوجة وليه وشأنها يكون الاستثناء منقطعاً ، وقيل مفرغ ، أى لشىء إلا لإتيانهن بفاحشة ، أو فى حالٍ ما إلا فى حال إتيانهن بفاحشة ، والتفعيل للمبالغة ، يقال بيّن الشد تبينا فهو مبين ، أى ظاهر ظهوراً عظيما ، أو هو للتعدية ، فالمفعول محذوف ، أى بفاحشة مظهرة نشوزها ، أو مطلق سوءها ، والمعروف : حسن الفعل والقولِ لهن ، ومن الفعل الجماع والمبيت معها ، والنفقة والكسوة البشاشة ، ويتزين لها كما تتزين له ، ومن القول الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والتعليم والتأديب ، والسلام ، فقيل إذا أتت بفاحشة فله أن يطلب الفداء ، ولا يوفى بحقوقها من جماع أو غيرها ، وإن كانت فاحشتها الزنا أبطلت صداقها فله أن لا يعطيها إياه ، وله استراده إن كان قد وصلها ، وقيل لا تبطله إن تابت ، وقال عطاء : كأن الزنى مبطلا لصداقها بهذه الآية ، ثم نسخ إبطاله بالحد { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنًّ } طبعاً بلا سبب منهن ، أوبسبب مما يتحمل ، ولم ينه عنها لأجله { فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً } علة قامت مقام الجواب لقوة إيجابها إياه ، أى فاصبروا ولا تطلقوهن ، والطلاق مكروه لإمكان أن تكرهوا شيئاً { وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } كولد صالح تلده المكروهة ، وغيره من المصالح الدينية والدنيوية كالألفة والمودة .