Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 23-23)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } الأحكام لا تتوجه إلى الذوات ، بل إلى فعل المكلف ، فالمراد تحريم نكاحهن ، لأنه معظم ما يقصد من النساء ، ولأنه المتبادر إلى الفهم فى عرف اللغة ، كتحريم الأكل من قوله : { حرمت عليكم الميتة } [ المائدة : 3 ] ولأن ما قبل وما بعد فى النكاح ، وذلك ظاهر من أول ، لا كما قيل إن التحريم مجمل ، مبين من حيث إنه يحتمل تحريم النظر والمس باليد مثلا ، فى أى موضع من بدنها ولو رأسها ، وسائر الأفعال ، والأمهات يشمل الجدات ، والجملة إنشاء عند قوم ، إخبار عند قوم آخرين ، وهو الصحيح ، وحاصله أن الله أخبرهم بأن حكمه التحريم أو أن التحريم فى اللوح المحفوظ { وَبَنَاتُكُمْ } شامل لبنات الابن وبنات البنت ، وإن سفلن ، وذلك حقيقة فى الأمهات والبنات ، ولا سيما أن الأم الأصل كأم القرى ، وأم الكتاب ، والجدة أصل ، وقيل إطلاق الأم على الجدة ، والبنت على بنت الابن مجاز ، فترادان من خارج ، أو بالآية استعمال للفظ فى حقيقته ومجازه ، أو فى عموم المجاز ، وتحرم بنت الزانى من زناه عليه ، لأنها من مائة وبنته قطعاً ، عقلا ولغة ، وذكر عن الشافعى أنه أبا جهاله لأنه لا نسب ولا إرث بينهما { وَأَخَوَاتُكُمْ } من الأب والأم ، أو من أحدهما { وَعَمَّاتُكُمْ } أخوات آبائكم وأخوات أجدادكم ، من الأب والأم ، أو من أحدهما ، وسواء الأجداد من الأب والأم { وَخَالاَتُكُمْ } أخوات أمهاتكم ، وأخوات جداتكم ، من الأب والأم ، أو من أحدهما ، وسواء الجدات من الأب أو الأم { وَبَنَاتُ الأَخِ } من الأب والأم ، أو من أحدهما ، ومثلها بنت الأخ ، وبنت ابن الأخ ، وكذا ما سفل { وَبَنَاتُ الأُخْتِ } من الأب والأم ، أو من أحدهما ، وكذا ما سفل ، كالتى قبلها { وَأُمَّهَاتُكُمُ } جمع أم لكثرته ، لا جمع أمهة لقلته ، والهاء زائدة ، وفى غير العقلاء أمات ، وقد يقال فيه أمهات ، وقد يقال فى العقلاء أمات { اللاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ } ولو مصة أو قطرة من أى منفذ ، ولو من أذن أو جرح ولو بعد موتهن إذا كان أبيض نافعا لا ماء ، وزعم مالك وأبو حنيفة يحصل التحريم بمصة ، وزعم الشافعى وأحمد أنه يحصل بخمس رضعات ، وزعموا عنه أن المراد خمس إشباعات فى أوقات ، وفيه حديث أولناه فى تفسير الحديث ، والفروع بالنسخ ، ولا رضاع إلا فى حولين ، كما قال ابن مسعود ، وهو أيضاً مرفوع ، وروى ، لا يحرم من الرضاع إلا فتق الأمعاء ، وزعم البخارى أنه إن مص أو شرب من لبن شاة أو نحوها حرم عليه أكلها ، وعدوا ذلك فتنة للبخارى { وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ } والبنات ، والخالات ، والعمات ، وبنات الأخ ، وبنات الأخت منها ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، نبه الله سبحانه وتعالى بتسمية المرضعه ، أماً ، والتى رضعت منها قبل أو بعد أو معه أختاً على أن الرضاع جارٍ مجرى النسب ، وأنه ينتشر ، فأم مرضعتك جدتك ، وأختها خالتك ، وأبوها جدك ، وبنتها أختك ، وخالتها خالتك وعمتها عمتك وأم زوج المرضعة الذى له اللبن جدتك ، وبنته ولو من غير مرضعتك أختك ، ولا يجوز تزوج أخت ابنك إذا ولدتها المرأة من رجل آخر ، وولدت أنت منها هذا الابن ، لأن وطء الأم يحرم البنت ، وشهر المنع المصاهرة لا للوطء لفقده ، ويجوز هذا إذا كان هذا الابن من رضاع ، ومنعته الشافعية ، وفى أم أخيه من الرضاع القولان { وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ } شامل لجدات النساء ، وإن علون من أَي جهة ، وللجدات من الرضاع من أى جهة كذلك ، والأمهات من الرضاع { وَرَبَآئِبُكُمُ } القريبات والبعيدات ماتناسلن ، وهن بنات أزواجكم من غيركم ، ولو ولدتهن من غيركم بعد ما فارقتموهن ، وجاء مرفوعا ، " أنه إذا نكح المرأة الرجل لم تحل أمها ، دخل بالابنة أو لم يدخل " ، وتحريم البنت إن دخل بالأم ، وربيبة فعليه بمعنى مفعولة ، أى مربوبة ، كما يربى الولد ، ولحقته التاء لتغلب الاسمية ، وإلا ففعيل بمعنى مفعول لا تلحقه التاء إلا نادرا { اللاَّتِى فَى حُجُورِكُم } جرى على الغالب ، لا قيد ، فلا يفهم منه حل الربيبة التى لم ترب فى الحجر ، والمفرد حجر بفتح الحاء ، كسرها وإسكان الجيم ، وهو مقدم الثوب ، أما دون الإبط إلى الكشح ، والمراد لازم الكون فيه وهو التربية ، وقال أبو عبيدة : فى حجوركم فى بيوتكم ، وهو كذلك جرى على الغالب لا قيد ، وروى عن على أن قوله : اللاتى فى حجوركم قيد ، وأنه تحل اللاتى ليست فى الحجر ، وكان ابن مسعود يقول بذلك ، ثم رجع إلى الجمهور ، وفائدة ذكر الحجر التشنيع كأنهن الأزواج والأمهات { مِّنِ نِّسَآئِكُمُ } حال من الربائب ، أو من ضميرهن المستتر فى قوله حجوركم { اللاَّتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ } أى جامعتموهن ، أو نظرتم فروجهن ، أو مسستموها ، ومن فعل ذلك يزنى بامرأة حرمت عليه هى وبناتها وأمهاتها ، وحرمت هى على أولاده ، وكذا عند أبى حنيفة ، أن لمس الزوجة ونحوها كالجماع ، وأن الزنى يحرم المصاهرة ، تحرم به المزنية على أبى الزانى وإن علا ، وعلى أولاده وإن سفلوا ، وعلى الزانى أمهاتها وإن علون ، وبناتها وإن سفلن إلا أنه زعم لا تحرم على الزانى مزنيته ، وزعم الشافعى أن الزنى لا يوجب حرمة المصاهرة ، لأن المزنية ليست زوجا لزانيها ، وأنه إنما يوجبها الوطء بشبهة ، أو ملك يمين ، ومن فارق المرأة قبل الدخول وما يلتحق به حلت له بنتها ، وحرمت عليه أمها ، فالعقد على البنت ، يحرم الأم ، وإنما يحرم البنت الدخول على الأم ، قال صلى الله عليه وسلم فى رجل طلق امرأة قبل الدخول بها : " إنه تحل له بنتها لا أمها " ، وزعم بعض عن علىّ ، أنه لا تحرم الأم بالعقد على البنت بل بوطء البنت { فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } تصريح بالمفهوم دفعاً لقياس الربائب على أمهات النساء فى التحريم بمطلق العقد { وَحَلآئِلُ } أزواج ، وسميت حليلة لأنها حلت لزوجها . ولأنها تحل مع زوجها حيث كان ، وفى لحاف واحد أو فراش ، وكذا يقال للزوج حليل ، وكلاهما فعيلة بمعنى فاعل ، أو لأن كلا منهما يَحُل للآخر إزاره ، فهو بمعنى مفعول ، أو الزوج حليل بمعنى فاعل ، والزوجة حليل بمعنى مفعول ، ومثل حليلته سريته فى التحريم { أَبْنَآئِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ } وإن سفلوا ، فإن ابن الابن وإن سفل ، وابن البنت وإن سفل ، من صلب الجد ، بواسطة أو وسائط ، ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب ، فخرج الابن الذى بالتبنى ، فإن حليلته لا تحرم على متبنيه ، فإنه صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت جحش ، بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب ، بعدما تزوجها زيد بن حارثة ، وقد تبناه صلى الله عليه وسلم ، وأما زوجة الربيب فقيل تحرم على زوج أمه ، فتنكشف له كزوج ابنه ، وقيل تكره ، وقيل تحل له فلا تنكشف له { وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ } من نسب أو رضاع بنكاح أو تسر أو إحداهما بنكاح ، والأخرى بتسر ، وهذه الآية حرمت الجمع ، وقوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم ، وقوله إلا ما ملكت أيمانكم لم يبيحا الجمع ، بل أباحا النكاح ، قال على ، أو غيره من الصحابة : لو كان الأمر لى لم أجد أحدا جمع بين أختين مملوكتين إلا جعلته نكالا ، فآيات ما ملكت اليمين عامات مخصوصات ، بقوله تعالى : { وأن تجمعوا بين الأختين } ، على قاعدة حمل العام على الخاص عندنا ، وعند الشافعى ، علم التاريخ أو لم يعلم ، وبطل قول عثمان ، بجواز الجمع بين الأختين المملوكتين ، وكذا لا يجوز الجمع بين من لا تتناكحان ، لو كانت إحداهما ذكرا ، وكل ما يحرم تزوجه يحرم تسريه ، بل هى محرم له ، يكون حرا بملكه له ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة على عمتها ، ولا على خالتها ، ولا على ابنة أختها " وهو تمثيل للعموم المذكور فى كل من لا تحل للأخرى ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تنكح المرأة على قرابتها " ، فشامل لمن تحل ، لكن خاف القطيعة ، فلو جمع بنتى عمين لجاز ، ومن جمع بين أختين مثلا حرمتا إن مسهما ، وإن مس إحداهما حرمت الأخرى ، وقيل إذا فارق الممسوسة حلت الأخرى ، ومن عقد عليها عقدة واحدة حرم من مس ، وجدد العقد للأخرى { إلاّ مَا قَدْ سَلَفَ } متعلق بقوله عز وجل ، حرمت عليكم ، إلى قوله عز وجل ، وبين الأختين ، والاستثناء منقطع ، أى لكن لا عقاب على ما سبق قبل نزول الآية أو متصل على ما سبق فى مثله ، وقد وقع فى الجاهلية الجمع بين الأختين ، وبين امرأتين لا تحل إحداهما للأخرى لو كانت ذكرا ، ووقع نكاح امرأة الأب ، وكأنه قيل إلا ما قد سلف كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ، وحذفه للعلم به ، أسلم فيروز الديلمى على أختين فأمره صلى الله عليه وسلم بتطليق إحداهما شك ، وعن ابن عباس كان أَهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله عز وجل إلا امرأة الأب ، والجمع بين الأختين ، ويروى أن نبى الله يعقوب عليه السلام جمع بين الأختين ليا أمّ يهودا ، وراحيل أم يوسف عليه السلام ، وذلك فى شرعه { إنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } لكل أحد ، إلا من أبى ، فلكم الغفران والرحمة عما سلف ، ولا بد من الفرقة .