Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 36-36)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَاعْبُدُوا اللهَ } بأنواع العبادات ، والعبادة أقصى غاية الخضوع { وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئَاً } غيره من صنم أو غيره ، ومن الإشراك الرئاء ، وترك عبادة خوف النسبة إلى الرئاء وقد قيل إن ترك العمل خوف للنسبة إلى الرئاء غير شرك ، وعندى أنه لا ثواب لمن صلى صلاة أو فعل عبادة ليرزق مالا أو صحة أو نحوهما من أمور الدنيا ، أو صام إصلاحا لمعدته ، أو تطهر لتبرد ، ولو نوى مع ذلك تقرباً ، والعبودية ترك الاختيار وملازمة الذلة والافتقار ، والوفاء بالعهود وحفظ الحدود ، والرضى بالموجود ، والصبر على المفقود { وَبِالْوَالِدَينِ إِحْسَاناً } وأحسنوا بالوالدين إحساناً ، بالخضوع فى الكلام لهما ، والإنفاق عليهما ، والسعى فيما يليق بهما ولو لم يطلباه ، قال أبو سعيد الخدرى : أراد رجل الجهاد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " أبواك أذناك ؟ قال : لا ، قال : استأذنهما ، فإن أذناك وإلا فبرهما " ، والباء للمصاحبة أو الغاية { وَبِذى القُرْبَى } كانت الباء هنا لأن ما هنا تكليف لهذه الأمة وتوصية لها ، فكان بطريق الاعتناء ، ولم تكن فى البقرة لأنه ما فيه حكاية لبنى إسرائيل { وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالجارِ ذِى لْقُرْبَى } بجوار ، أو نسب ، أو رضاع ، أو دين ، أو بمتعدد من ذلك ، أو بذلك كله { وَالْجَارِ الجُنُبِ } المنتفية عنه القرابة المذكورة ، قال الله تعالى : { واجنبنى وبنى أن نعبد الأصنام } [ إبراهيم : 35 ] ، أى أبعدنى قالت عائشة رضى الله عنها ، يا رسول الله ، إن لى جارين فبأيهما أبدأ ؟ قال : باقربهما إليك بابا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الجيران ثلاثة ، جار له ثلاثة حقوق ، حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإسلام ، أى التوحيد ، ولا تشترط الولاية ، وجار له حقان حق الجوار وحق الإسلام ، وجار له حق واحد ، حق الجوار ، وهو المشرك من أهل الكتاب " ، قال أبو هريرة : قيل يا رسول الله فلانة تصوم النهار وتقوم الليل ، وفى لسانها شىء يؤذى الجيران فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، " لا خير فيها ، هى فى النار ، والذى نفس محمد بيده لا يؤدى حق الجار إلاّ من رحمة الله ، وقليل ما هم ، أتدرون ما حق الجار ؟ إن افتقر أغنيته ، وإن استقرض أقرضته ، وإن أصابه خير هنأته ، وإن أصابه شر عزيته ، وإن مرض عدته ، وإن مات شيعت جنازته " { وَالصَّاحِبِ بِالْجنبِ } أى حال كونه فى الجنب ، أو الباء على بابها ، كالزوج ، والسرية ، والزوج ، والسيد ، والرفيق في مباح ، أو في عبادة كتعلم وتصرف وصناعة وسفر وقعود إلى جنبك فى المسجد ، أو مجلس علم ، ويتفاوت بتفاوت ما وقع من الصحبة حتى يكون ف حكم القرابة ، كما قالوا صحبة عشرين يوما قرابة ، وقيل الصاحب بالجنب هو المنقطع إليك يرجو نفعك { وَابنِ السَّبِيلِ } المسافر فى مباح أو عبادة ، منقطعا أو غيره ، وقيل إن ضعف والضيف { وَمَا مَلَكَت أَيْمَانُكُمْ } من عبيد وإماء وحيوان ، قال صلى الله عليه وسلم للذى أضر بجملة : " ما هذا جزاء العبد الصالح " ، ويروى المملوك الصالح لا يكلفهم ما لا يطيقون ولا يؤذيهم بكلام ، ويطعم ويكسو ، قال أنس : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت ، الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها فى صدره وما يفيض بها لسانه ، جعل رجل من الأنصار يضرب عبده ويقول العبد أعوذ بالله ، وهو يزيد ضرباً فحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعوذ برسول الله ، فتركه ، فقال إن الله عز وجل أحق أن يجار عابده ، فقال سيده ، إنه حر لوجه الله ، فقال صلى الله عليه وسلم " والذى نفس محمد بيده لو لم تقلها للفح وجهك سقع النار " ، وهو مخالف لمتن حديث الربيع { إنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُختَآلاً } معجبا بنفسه متكبرا ، يأنف عن أقاربه وجيرانه وأصحابه ويظهر أثر ذلك فى كلامه ومشيه { فَخُوراً } على الناس بماله أو علمه ، أو بنيه ، أو كرمه أو شجاعته ، أو مناقب آبائه ، لما نزلت بكى ثابت بن قيس بن شماس ، وقال : يا رسول الله إنى لأحب الجمال ولو لشراك نعلى ، فقال : " ليس ذلك كبرا ، الكبر تسفيه الحق وغمص الخلق ، أنت من أهل الجنة " .