Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 68-69)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَهَديْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } زدناهم هدى ، وعندهم أصل الهدى كقوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم ، أو طريقاً فى الأرض من المحشر إلى الجنة " ، كقوله تعالى : { فاهدوهم إلى صراط الجحيم } ، أى إلى طريق فى الأرض من المحشر إلى النار ، وزاد ترغيباً لهم فى متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ } فيما أمر به ، نزلت الآية فى شأن من قال من الصحابة ، كيف نراك فى الجنة وأنت فى الدرجات العلا ونحن بدونك ؟ وفى أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه يوما متغير الجسم نحِلا فسأله صلى الله عليه وسلم عن حاله ، فقال ما فى وجع ، لكن إذا لم أرك اشتقت إليك واشتدت وحشتى حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هنال إن دخلت الجنة ، لأنك أعلى درجة وإلا فلن أراك أبداً ، وفى رجل من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لأنت أحب إلى من نفسى وأهلى ، ومالى وولدى ، ولولا أنى آتيك فأراك لظننت أنى سأموت وبكى ، فقال صلى الله عليه وسلم ما يبكيك ؟ فقال : ذكرت انك ستموت ونموت ، فترفع الأنبياء ، فإن دخلنا الجنة فنحن دونك ، فنزلت ، فقال صلى الله عليه وسلم : أبشروا فهم يرونه من أماكنهم فوقهم ، وأهل الجنة يتزاورون أيضاً ولا مانع من أن يرفعوا إليه صلى الله عليه وسلم ثم يرجعوا ، لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر بموته وهو فى حديقة له ، فقال : اللهم أعمنى فلا أرى شيئاً بعد حبيبى حتى ألقى حبيبى ، فعمى فى حينه ، رضى الله عنه ، قال الصديق : فلو أن رجلا فعل الطاعات كلها وترك المعاصى كلها ، وقال ألا صنع صلى الله عليه وسلم خلاف ما صنع ، أو وجد فى نفسه لكان مشركا ، أى إن كان إنكاراً ، لا ضرورة كراهة النفس ، { فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ } فى الجنة ويرونهم ويزورونهم ، ويحضرون معهم ، كلما أرادوا ، وحيثما أرادوا ، وقيل يهبط الأعلى إلى الأسفل فى الزيارة ، وليس المراد استواء الدرجات { مِّنَ النَّبِيِّينَ } المتجاوزين حد الكمال فى العلم والعمل إلى درجة التكميل { وَالصِّدِّيقِينَ } الذين لا يدعون شيئاً أظهروه بألسنتهم إلا حققوه بقلوبهم وعملهم ، وأعرضوا عما سوى الله تعالى كأفضل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لمبالغتهم فى الصدق والتصديق ، وقد يقال المراد الصدق البليغ فى الإخبار عن الغيوب التى ألهمهم الله إليها لمبالغة نظرهم فى الحجج والآيات ، وتطهر نفوسهم بترك المعاصى والمكاره ، ومالا يعنى والكسل والتقصير عن الواجب { وَالشُّهَدَآءُ } من قاموا بالحق حتى قتلوا فى سبيل الله ، إلا أنه جاء ، أن الشهيد يغفر له كل ذنب إلا الدين ، وجاء بعد ذلك حق الدين ، ولعله لم يجد خلاصاً ودان به ، وفى الفروع إن لم يتبع بدم أو مال أو فرج حرام { وَالصَّالِحِينَ } القائمين بحقوق الله وحقوق العبادات ، ومن خلص من الفساد ، وفى الآية أربعة أقسام على التدلى ، وفى الكل صلاح ، إلا أن الرابع دون الثلاثة { وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ } الذين مع هؤلاء الأربعة { رَفِيقاً } فى الجنة ، هو الأربعة ، أو حسن الأربعة مع هؤلاء المتلتحقين بهم ، وعلى كل حال أفرد رفيقَّا لأنه كالمصدر ، مثل الدبيب والصهيل ، والمصدر يطلق على الواحد وغيره بلفظ واحد ، أو بتأويل أو باعتبار حَسُن كل واحد ، وسواء فى ذلك أن يكون تمييزاً أو حالا ، ولا يلزم أن يكون بحسن مخصوص بالمدح محذوف ، تقديره هم ، لأنه وضع من أول على الضم كظرف وكرم من سائر ما ضم وسطه وضعا ، ويجاء له بتمييز .