Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 84-85)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللهِ } أعداء الله أداء للفرض الواجب عليك ، وقصداً للثواب ، قيل الآية متعلقة بقوله : { ومن يقاتل فى سبيل الله } [ النساء : 74 ] ، وقيل بقوله عز وجل : ومالكم لا تقاتلون إلخ ، قال الصديق : أقاتل أهل الردة وحدى ولو خالفتنى يمينى لقاتلها بشمالى { لاَ تُكَلِّفُ إلاّ نَفْسَكَ } إلا فعل نفسك ، لا يضرك مخالفتهم بتركهم الجهاد ، فالله ناصرك ، نزلت فى شأن بدر الصغرى الموعود من يوم أحد إلى ذى القعدة من قابل إذ دعا الصحابة إليها ، فما ذهب معه ، قيل ، إلا سبعون رجلا ، وصل بدرا فريحوا فى سوق ، ولم يجىء أبو سفيان فعيب ، فأنشأ غزوة الأحزاب من قابل ، وهى آخر غزو المشركين إليه ، وتقدم أنه الراجح أنه خرج فى ألف وخمسائة من أصحابه وعشرة أفراس ، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة ، وأقاموا ثمانى ليال ببدر ينتظرون أبا سفيان { وَحَرّضِ المُؤْمِنينَ } أزل حرضهم ، وهو ما لا خير فيه ، والمراد الحث ، عليك تحريضهم على القتال إلا إثم مخالفتهم { عَسَى اللهُ أَن يَكُفَّ } عنهم { بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا } أبى سفيان وغيره من المشركين ، وقد رجعوا عن بدر الصغرى بعد بدء الخروج إليها ، وذلك كفهم ، وأسلم أبو سفيان عند الفتح { وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وأَشَدُّ تَنكِيلاً } تعذيبا من قريش ، والبأس أعم من العذاب ، أو البأس الصولة أو الشدة والقوة ، وفى ذلك تهديد لمن لم يتبعه صلى الله عليه وسلم ، ولما حرض صلى الله عليه وسلم المؤمنين على الخروج إلى بدر الصغرى لم يجد بعضهم أهبة فيشفع له غيره إلى من يعينه ، فهذه الشفاعة الحسنة ، ووجد بعضهم أهبة فشفع له بعض المنافقين فى التخلف ، فهذه الشفاعة السيئة ، فذلك قوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِنْهَا } إلخ ، وهو ثواب الشفاعة الحسنة ، والتسبب إلى الخير الواقع بها من دفع ضر وجلب نفع لوجه الله عز وجل ، أو مقدار من الثواب بسببها ، والتعبير بالنصيب فى الحسنة وبالكفل فى السيئة تفنن ، بالمعنى واحد ، وقيل الكفل غلب فى الشر وقل فى الخير ، كقوله تعالى : { يؤتكم كفلين من رحمته } [ الحديد : 28 ] ، فخص بالسيئة هربا من التكرير ، وللتطرئة ، وبهذا يجاب فى رد ابن هشام فى المسائل السفرية على من قال الكفل فى الشر ، بأن يقال مراد قائله الغلبة ، وقيل النصيب يشمل الزيادة والكفل والمساوى ، والشفع ضد الوتر ، فمن ذلك ضم الدافع أو الجانب نفسه إلى ذى الحاجة ، ومنه ضم الجار نفسه إلى لمشترى فى الشراء ، والجار أحق بصقبه ، والنصيب فى القليل والكثير ، والكفل فى المثل ، فاختير فى جانب السيئة : من جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها ، ويعترض بقوله : { يؤتكم كفلين من رحمته } [ الحديد : 28 ] لأنه فيه بمعنى الأكثر لا المساوى ، فإن الحسنة بعشر ، قال صلى الله عليه وسلم : " من دعا لأخيه المؤمن بظهر الغيب استجيب له ، وقال المَلك آمين " ، ولك مثل ذلك { وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا } مقدار من الذنب مساوٍ لها ، والمعين على الشىء والدال عليه كفاعله ، أو مقدار من الذنب بسببها ، ودخل فى الشفاعة الحسنة الدعاء للمسلم ، فإنه شفاعة إلى الله ، وفى الشفاعة السيئة الدعاء لمن لا يستحق بالسوء ، لأنه شفاعة إلى الشيطان ، كما قيل المراد بالشفاعة السيئة دعاء اليهود على المسلمين بالسوء ، وقيل إطلاق الشفاعة فى السوء مشاكلة ، وأصلها فى الخير ، وليس كذلك لأن الشفع ضد الوتر ، وقيل الشفاعة السيئة النميمة ، وقيل من يُشَفَّعُ كُفْرَهُ بقتال المؤمنين ، قال صلى الله عليه وسلم : " من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضاد الله تعالى فى ملكه ، وما أعان على خصومة بغير علم كان فى سخط الله حتى ينزع " ، وتجوز الشفاعة من الحدود إلى الدية { وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً } قادراً أو شهيداً ، أو حافظاً ، وأصله من القوت ، لأنه يقوى البدن ، وياؤه عن واو ، وقيل معناه المجازى .