Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 28-28)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وقال رجُلٌ } اسمه شمعان ، وقيل : خربيل ، وقيل : حزبيل ، وقيل : حبيب ، والأول أولى { مُؤمنٌ مِن آل فرْعَون } من القبط ابن عم فرعون ، وكان يجرى مجرى ولى العهد ، ومجرى صاحب الشرطة ، وقيل : كان اسرائيليا ، وقيل : كان غريبا فيهم ، لا اسرائيليا ولا قبطيا ، فمعنى كونه من آل فرعون على القولين أنه فيهم بالتقية مظهرا أنه على دينهم ، ومن يتعلق على القولين بقوله تعالى : { يكْتُم إيمانهُ } بخلافه على الأول ، فانه يتعلق بمحذوف نعت ثان لرجل ، ويجوز تعليقه بيكتم ، ولو على الأول واعترض تعليقه بيكتم بأن كتم يتعدى بنفسه نحو قوله تعالى : { ولا يكتمون الله حديثا } [ النساء : 42 ] وأجيب بأن فى المصباح أنه يتعدى لاثنين ، وأنه تجوز زيادة من فى المفعول الأول ، لكن فيه فرعان : التقدم والتعدى بمن ، وهو قليل ، أو تأويل من بعن لتضمن يكتم معنى يستر ، وظاهر قوله : { يا قوم } [ غافر : 29 ] أنه منهم ، ويحتمل أنه منهم ، ويحتمل أنه سماهم قومه لأنه فيهم . { أتقْتلون رجُلاً } الاستفهام انكار لصوابية قتله ، والمراد أتقتلونه فى المستقبل ، أو أتقصدون قتله ، وعليه فقد عبر عن السبب بالمسبب { أنْ يقُول } لأن يقول ، أو كراهة أن يقول : لا ، منصوب على الظرفية فى تأويل المصدر ، أى أتقتلون رجلا وقت أن يقول بلا تكفر فى قوله : لأنه ينوب عن الزمان المصدر الصريح ، أو المأول عن دام ، وليس كما ادعى بعض أن كل امام أجازه ، بل أجازه قليل كابن جنى { ربِّي الله وقَدْ جاءكم بالبيَِّنات } الشاهدة له ، الكثيرة ، وجمع المؤنث السالم ولو كان فى جموع القلة ، لكن يجوز استعماله فى الكثرة ، ولا سيما إذا كان فيه أل ، فانه لا اشكال ، وقد يقال انه حين قال الرجل : رضى الله عنه هذا ، لم يجئهم موسى الا بقليل ، والجملة حال من واو تقتلون ، لا من رجلا ، لأن الاستفهام لم يدخل عليه ، بل على تقتلون ، وأجاز بعض ذلك . { مِنْ ربِّكم } ممن هو ربكم كما هو ربه ، وهذا استدراج الى الاعتراف لله تعالى بالربوبية ، وتلويح بأنه من قال : ربى الله لا يقابل بالقتل ، كما فى معتاد كم أن من قال ربنا فرعون لا يقابل بالقتل ، ولا سيما أنه جعل ربَّه من هو ربكم ، فعليكم أن تكرموه لا أن تقتلوه ، واستعمل الرجل تقية على نفسه ما ذكر الله عز وجل عنه بقوله : { وإنْ يكَ كَاذباً فعَليْه كِذْبُه } الى قوله : { إن جاءنا } [ غافر : 29 ] وهو آخر كلامه رضى الله عنه ، ومعنى عليه كذبه أنه لا يتخطاه وبال كذبه من الله تعالى فضلا عن أن يحتاج فى دفعه الى قتله . { وإنْ يَكُ صَادقاً يُصبكُم بعْض الَّذى يَعِدُكم } ولا بد ان لم يصبكم كله ، وقدم الكذب تليينا لشدتهم ، والرابط محذوف أى يعدكموه ، أو يعدكم به ، وقيل : البعض هو ما يجىء فى الدنيا على تكذيبه كله ، والبعض الآخر ما فى الآخرة ، وليس بعض بمعنى كل كما قيل ، واستدل له بقوله : @ قد يدرك المتأنى بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل @@ وقوله : @ إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ ترى فى بعضها خللا @@ وقوله : @ تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها @@ قلت : البعض فى الأبيات على ظاهره لا بمعنى الكل ، ومراده ببعض النفوس نفسه أو جنس البعض { إنَّ الله لا يَهْدى مَنْ هُو مُسرفٌ كذابٌ } فان كان موسى كاذبا فقد أسرف فى شأنه وكذبه كثيرا أو عظيم ، فهو كذاب فان الله يكفيكم مؤنته ، فهو يتولى اهلاكه ، أو ان كان مسرفا كذابا لم يقوه بالبينات ، ولما قواه بها وجب أن تتفكروا وتدركوا الحق ، ولعله أراد هذا الوجه وأوهمهم أنه أراد الأول ، تليينا لشدتهم ، ولوح بذكر ذلك الى أن فرعون مسرف فى القتل والفساد ، كذاب فى ادعاء الألوهية ، ليس على هدى من الله سبحانه وتعالى .