Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 60-60)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وقال ربُّكُم } العطف على ما قبله عطف قصة على أخرى ، ألا ترى أنه لما تمت هذه فى قوله : { كن فيكون } [ غافر : 68 ] ذكر ما قبلها بقوله : { ألم تر إلى الذين يجادلون } [ غافر : 69 ] المناسب لقوله تعالى : { إن الذين يجادلون } [ غافر : 56 ] الخ { ادْعُوني } اسألونى حوائجكم كلها عموما أو خصوصا ، ولو ما هو أقل من ملح الطعام ، أو شسع النعل إذ لا شىء يستغنى فيه عن الله تعالى ، وعن ابن عباس : " الدعاء أفضل العبادة " وقرأ الآية ، وعنه صلى الله عليه وسلم : ليس شىء أكرم على الله تعالى من الدعاء " قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يَدْع الله يغضب عليه " رواه ابن أبى شيبة وأحمد ، قال ذلك فى مقام الكلام على الدعاء ، فلا يأول بالعبادة . وقال النعمان ابن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : " الدعاء هو العبادة " ثم قرأ : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي } الآية ، وعن ابن عباس : " ادعوني أستجب لكم " وحدونى أغفر لكم ، وقيل : سلونى أعطكم ، ومعنى يغضب عليه هنا تصبه المصائب ، وأما من لم يدع الله استكبارا عنه ، أو إياسا من الاجابة ، فالغضب فى حقه على ظاهره ، وأما قول ابراهيم عليه السلام ، يوم ألقى فى النار قبل الالقاء أو فى الهواء حين ألقى : " علمه بحالى يغنى عن سؤالى " وقد قال له جبريل : " هل لك حاجة ؟ " فقال : " احتاج إلى الله " فقال : فادع الله ، فقال ذلك ، فهو نفس الدعاء ، لأنه قال ذلك تضرعا الى الله تعالى ، لا توكلا فقط ، أو ذلك فى العامة ، وأما من أكثر العبادة والذكر ، وأستفرغ فيها الوسع ، فقد جاء فى الحديث القدسى : " إني أعطيه أفضل ما يسأل وأكفيه " . { أسْتَجب لَكُم } أعطكم ما تسألون ، قال الله تعالى : { فيكشف ما تدعون إليه إن شاء } [ الأنعام : 41 ] وان لم يعط ادخر له فى الآخرة لدعائه ما هو أفضل ، حتى يتمنى لو لم يستجب له فى الدنيا ، والتعويض فى الآخرة ، من معنى الاستجابة ، وقد يعطيه فى الدنيا عوض ما دعا اليه ، أو يدفع عنه مضرة ، وما لم يستجب فلخلل فيه ، فلاشتغال القلب فيه أو فيه قطع رحم أو نحو ذلك ، وعنه صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل يدعو الله تعالى إلا استجيب له ، فإما أن يعجل له في الدنيا ، وإما أن يؤخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بإثم أو قطع رحم أو يقل دعوت فلم يستجب لي " وقيل : عن ابن عباس : ادعونى اعبدونى ، فاستجب لكم أثبكم ، وفيه أن الدعاء أصله الطلب ، فليحمل ، عليه فى الآية ، ولاسيما مع قوله : { أستجب لكم } فان الاستجابة أنسب بمعنى الطلب ، فهذان خروجان عن الأصل اثنان . ونقول : معنى حديث بشير بن النعمان المذكور آنفا أن الدعاء سؤال وأن السؤال عبادة ، ولما جعل الله الجدال فى آيات الله كبرا قابله بالدعاء لأنه خضوع ، لأن الداعى ملتجىء الى الله تعالى . { إنَّ الَّذين يسْتَكبِرُون عَن عِبادَتي } عن دعائى ، قيل : هذا خروج واحد عن الأصل ، قلت : بل الدعاء عبادة ، فلا مجاز فلا خروج بخلاف تفسير الاستجابة بالاثابة على العبادة لترتبها عليها فانه مجاز أو مشاكلة ، وتفسير الدعاء بالعبادة لتضمنها له مجاز من تسمية المحل باسم الحال ، أو من تسمية العام باسم الخاص { سيَدْخُلون جَهنَّم داخرين } أذلاء .