Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 12-13)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لهُ مَقاليد } مفاتيح { السماوات والأرض يبْسطُ الرِّزق لمنْ يشاءُ } له البسط { ويقدر } يضيقه عمن يشاء التضييق عنه { إنَّه بكلِّ شيءٍ عليمٌ } فأفعاله كلها حكمة ، وهذا تعليل لما قبله من البسط والقدر ، لأنه بكل الخ وتمهيد لقوله : { شرَع لَكُم منَ الدِّين ما وصَّى به نُوحا والَّذي أوحَينا إليك وما وصَّيْنا به إبراهِيم ومُوسَى وعِيسَى } فان شرعه ذلك من كمال علمه وحكمه ، وخص هؤلاء بالذكر لشهرتهم لعل الكفار يميلون الى ما جاءوا به من التوحيد وتوابعه ولأنهم أولوا عزم ، وأصحاب شرائع مشهورة والأتباع الكثيرة ، وفى تقديم هذه الأمة وخطابها فى قوله تعالى : { شرع لكم } تشريف لها ولنبيها صلى الله عليه وسلم ، وكذا فى ذكره صلى الله عليه وسلم بالايحاء بعد ذكر التوصية ، وقيل : ذكر ابراهيم وموسى وعيسى بالتوحيد للتصريح برسالته صلى الله عليه وسلم القامعة لمنكريها ، وأكد الايحاء بنون العظمة تشريفا له ولكتابه ، وناسب ذلك تعبيره بالذى التى هى أصل الموصولات ، وعبر فى غيره بما ، وفى تقديم لكم إيماء الى أن ما أوحى الى نوح موحى به الى النبى صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسل قبله نائبون عنه ، وهو أو الرسل بهذا الاعتبار . { أنْ أقيمُوا الدين } إيتوا به قائما على الدوام ، أو مستقيما لا خلل فيه ، وأن حرف تفسير لشرع ، إذ فيه معنى القول ، ومن العجيب أن تجعل مصدرية مخففة أو خفيفة ، مع أن مدخولها انشاء لا خارج له يراد بالمصدر ، معنى اقامة الدين التوحيد والعبادة ، والايمان بالكتب والرسل والبعث ، وشمل ذلك الأصول وما أمروا به من الفروع ، وأما غير ذلك فقد قال الله عز وجل : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } [ المائدة : 48 ] والروع كمكارم والأخلاق بأنها متفق عليها فى الأمم ، وكالصلاة والصوم ، والتقرب بصالح الأعمال ، واللصدق والوفاء بالوعد ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وتحريم الأموال ، والزنى والكبر ، والظلم والاعتداء على الحيوان ، إلا أن صلاتهم ليست كصلاتنا خمس صلوات ، وزادتهم ربع المال ، وصومهم فى غير رمضان ، أو فيه فبدلوه وزادوا وفى المدينة شرع الصوم والزكاة ، وقد قيل : المراد باقامة الدين تحليل الحلال ، وتحريم الحرام ، بحسب ما أوحى اليهم ، وقيل : لم يبعث الله نبيا إلا أمره بالصلاة والزكاة بعد التوحيد ، وبالألفة والجماعة . { ولا تَتَفرَّقُوا فيه } فى الدين بأن يأتى به بعض ، ولا يأتى به بعض ، ولا يأتى به بعض ، أو يأتى بعض ببعضه فقط ، أو يزيد عليه بعض ، والخطاب فى الموضعين للأنبياء والأمم ، فإنها معلومة بذكر الأنبياء ، والخطاب فى نفس الأمر للأمم ، لأنهم هم الذين يقع منهم عدم الإقامة ، ويقع منهم الاختلاف ، ويجوز أن يقدر بعد قوله : " عيسى " شرع لأممهم أن أقيموا الدين ، وقيل : لم يشرع لآدم إلا التوحيد ، ذكر الله ، وتحريم الزنى ، والظلم ، ونحو ذلك ، وفى عهد نوح حرمت الأمهات والبنات ، وهذا خطأ ، فإنها محرمتان على عهد آدم عليه السلام ، ولم يشرع الحج لأمة موسى ، ومن بعده من الأنبياء ، إلا نبينا صلى الله عليه وسلم ، لا للأمم قبل موسى عليه السلام ، قال على : لا تتفرقوا ، فالفرقة عذاب ، والجماعة رحمة . { كَبُر على المُشركين ما تَدعوهم إليْه } من التوحيد ، ورفض كل معبود سوى الله تعالى ، أو من اقامة الدين ، وترك مخالفة المسلمين فيه ، ولفظ المشركين يدل على الأول ، ولكن البعث يدخل فى التوحيد كما قيل لمنكره { أكفرت بالذي خلقك } [ الكهف : 37 ] وسلى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله : { الله يجْتَبي إليْه من يشاءُ } إذ تضمن أن من قومك من سيؤمن ، ويجتبى يصطفى ، وعداه بالى لتضمنه معنى الرد أى يرده اليه عن الشرك ، أو معنى الجمع ، يقال : جمعت كذا الى كذا ، والهاء لله عز وجل ، ولو لزم عمل عامل فى ضميرين لمسمى واحد ، لأن أحدهما معمول بواسطة حرف الجر ، وهو فى القرآن كثير ، وكذا الهاء فى قوله : { ويَهْدي إليه مَن يُنيبُ } عائدة اليه تعالى ، ومعمولة بواسطة البار مع المضمر المستتر إلى واحد سبحانه وتعالى ومقتضى الظاهر ، يهديه لأن المجتبى هو هذا المنيب ، ولكن لم يضمر له ، لبيان أن الاصطفاء متأثر بالانابة اليه ، ومن لم ينب اليه لا يكون مصطفى ، ولا تكرير بين الاجتباء والهداية ، لأن الاجتباء معناه تمييزه وتشخيصه ليكرم ، وبعد ذلك إكرامه بالهدى . وقيل : هما فريقان مصطفون ، وهم أفضل ، ومنيبون ، ويجوز عود الهاء فى الموضعين لما فى قوله : { ما تدعوهم إليه } فيتفق مرجع الضمائر وهو الهاءات فى اليه المواضع الثلاثة ، ويجوز عوده الى الدين فى قوله : { أن أقيموا الدين } فيتفق مرجع هاء فيه ، وهاء اليه فى الموضعين الأخيرين ، وفيه مناسبة لفظية ، وهى اتفاق هاء فيه ، وهاء اليه فى الموضعين الأخيرين ، ومعنوى هى اتحاد المجتمع عليه ، والمتفرق فيه ، والكلام هو فى عدم التفرق فى الدين ، فناسب الجمع والانتهاء اليه ، وقيل ما وهاء اليه فى قوله : " ما تدعوهم اليه " الرسالة ، أى ماتدعوهم الى الايمان به وهو الرسالة ، وهو خلاف الظاهر بلا دليل ، ولو صح فى المعنى ، وهاء اليه فى الموضعين الأخيرين لله رد عليهم .