Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 23-23)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذلك } الفضل الكبير ، أو ذلك الذى عبر عنه بالفضل الكبير ، وهو الثواب { الَّذي } خبر { يبشِّر الله عبادَهُ الَّذين آمنُوا وعَمِلوا الصالحات } به فحذف الرابط ، والحرف معه دفعه لظهور المعنى كما هو قول ، وعلى ما شهر من اشتراط جر الموصول بمثله وتعليقه بمثل متعلقه ، كقوله : وبشرب مما تشربون ، يحذف الجار ، وينتصب مجروره انتصاب المعفول به ، الصريح ، فيحذف قيل ، ويجوز أن تكون الاشارة الى التبشير ، ورابط الموصول ضمير محذوف هو مفعول مطلق أى يبشره كما تقول : القيام قمته ، وفيه ضعف ، لأنه لا دليل على أن لفظ ذلك واقع على التبشير ، ولو قلت ذلك الذى ضربته ، وأردت ذلك الضرب الذى ضربته ، لم يفهم عنك ، فلم يقبل فلا تغفل ، ولا يلزم استحضار أن ما تقدم تشير للمؤمنين ، فيكفى دليلا ، ولما لم يوجد الرابط إلا بما تقدم من التقدير ، ولا سيما أن النصب على نزع الجار ، لا يحسن تعمده ، أو التخريج عليه الا الضرورة ، ادعى بعض أن الذى هنا حرف مصدر ، وأن المعنى ذلك تبشير الله ، وليس كذلك . { قل } يا محمد لقريش على الصحيح ، وقيل : للأنصار ، وقيل : للناس كلهم ، يحب بعض بعضا لقرابة النسب بينهم { لا أسألُكم عَليْه } على القرآن ، أو على التبليغ والبشارة للمؤمنين ولغيرهم إن آمن ، والأولى الاقتصار على التبليغ { أجراً } عوضاً من مال جاه أو نفع ما { إلا المودَّة } أن تؤدونى أى تحبونى فيؤثر فيكم تبليغى { في القُربى } لأجل القربى أو بسببها ، وهى قرابة النسب إن لم تراعوا أخوة النبوة فلا أقل من أن تراعوا حق النسب ، وتحفظوبى ، ولا يكن غيركم من العرب أولى بنصرتى منكم ، وقيل إلا محبتكم فى أهل بيتى ، وفى على هذا للظرفية المجازية ، والقربى بمعنى الأقرباء ، والجار والمجرور حال أى ثابتة فيهم ممكنة ، وعلى السببية تتعلق بمودة ، وقيل مثل ما مر ، وقيل المعنى الا محبة بعضكم للقرابة ، وقيل إلا التقرب الى الله بالعمل الصالح . قال ابن عباس رضى الله عنهما : إلا رعاية حقوقى لقرابتى ، كما روى البخارى ومسلم ، قال ابن عباس : لا بطن فى قريش إلا وفيهم قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، جمع قريش ما لا ليرشوه صلى الله عليه وسلم على ترك ما يأتيهم به من دين الله ، فنزلت الآية ، وقيل : أتاه الأنصار بمال ليستعين به على ما ينوبه فنزلت الآية ، فرده على أن الآية مدنية ، وأما على أنها مكية فأرسلوه اليه فى احدى العقبات الثلاث ، وفى الأنصار قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم أخواله ، فان أم عبد المطلب سلمى بنت زيد النجارية منهم ، وكذا أخوال أمه آمنة من الأنصار ، وقد قيل قرابته فى جميع العرب ، لأنهم إما عدنانيون ومنهم قريش ، وإما قحطانيون ومنهم الأنصار وقضاعة ، وفى الترمذى والنسائى ، عن زيد بن أرقم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أذكركم الله تعالى في أهل بيتي " والناس مكلفون بمودة أهل البيت إلا من بان شره ، فان الناس فى دين الله سواء ، وحق الله أعظم ، وقد قال لهم : " لا يأتني الناس بأعمالهم وتأتوني بنسبكم " وفى الترمذى ، والطبرانى ، والحاكم ، والبيهقى ، عن بن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحبوا الله لما يغدوكم به من النعم ، وأحبوني لحب الله ، وأحبوا أهل بيتي لحبي " . وروى ابن حبان ، والحاكم ، عن أبى سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله تعالى النار " وفيه اشارة الى الجورة من بنى أمية ، لأن لهم طعناً شديداً فى بنى هاشم ، وظلموهم حتى انتقم الله منهم ، فتفرقوا ، وكان لهم الملك فى أندلس بعد ذلك ألف شهر ، وروى أحمد ، والترمذى والنسائى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله لا يدخل قلب امرىء مسلم ايمان حتى يحبكم الله تعالى ولقرابتي " والخطاب للقرابة ، وقيل وجوب حبهم منسوخ ، ولا يبغض أحد منهم إلا لموجب ، والاستثناء منقطع ، لأن المحبة ضرورية ليست مما يكتسب ، ويجعل أجرة وإن اعتبرت مقدماتها الاختيارية ، كانت متصلا ، وقيل : الاستثناء منقطع مطلقا ، وان المحبة لا يصح أن تكون أجرا ، قيل : وجبت مودة قرابته فى مكة ، بدلت بمحبة الأنصار له ولهم ، ونزل : { قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله } [ سبأ : 47 ] فهذه الآية ناسخة لآية السورة ، فألحقه الله تعالى بالأنبياء قبله فى عدم الأجرة على الدين ، كما قال نوح : " وما أسألكم عليه من أجر " إلخ . قلت : لا يصح أنه أجيز له صلى الله عليه وسلم أخذ الأجرة ، فضلا عن أن تنسخ ، والاستثناء منقطع ، وعلى الاتصال يكون من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، أى أن سألت أجراًً فما هو إلا أن تحبوا أهل بيتى ، حبهم ليس أجرا بل أمر لازم لكل أحد ، كقوله : ولا عيب فيهم الخ ، وقال : " أذكركم الله فى أهل بيتى ، أذكركم الله فى أهل بيتى " ومن أهل بيته نساؤه ، ولكن المراد آل على ، وآل عقيل ، وآل جعفر وآل عباس ، وفاطمة ، وقيل : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، ومن زل من آله فهو كغيره فى أن يزجر ويعاب ، وحق الله عز وجل أولى . وسئل صلى الله عليه وسلم عن القربى فى الآية فقال : " على وفاطمة وأبناؤهما " رواه البخارى ، وأحاديث الباب كثيرة ، وفى بعض إسنادها بعض الشيعة ، وقد يأمر الانسان باحترام قوم ويريد ذلك مقيدا بعدم الزلة بعد ، وكثيرا ما نلقى من هو من ذلك النسب . من أهل فاس ، أو سائر المغرب الاقصى ، وهو مقارف للكبائر مصر عليها ، فأى حق لهذا . { ومَن يقْتَرف } يكتسب { حَسنةً } أى حسنة كانت ، ولا سيما حب النبى صلى الله عليه وسلم وآله ، فان ذلك لحب التوحيد ، وقال ابن عباس : الحسنة المودة فى قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الآية نزلت فى أبى بكر رضى الله عنه لشدة محبته لأهل البيت { نَزد لهُ فيها حُسْناً } أى زينة بمضاعفة الثواب ، فانها تزدان بمضاعفته { إن الله غفورٌ } للذنوب { شَكورٌ } مُجازٍ للمطيع بثواب طاعته ، والزيادة عليه .