Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 5-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تكَادُ السَّماوات يتفطَّرن } يتشقفن من عظمة شأن الله تعالى ، أو من ادعاء الشريك والولد ، ويدل له ما فى سورة مريم { تكاد السماوات يتفطرن منه } [ مريم : 90 ] ويناسبه قوله تعالى : { والذين اتخذوا من دونه أولياء } [ الشورى : 6 ] وأما قوله تعالى : { ألا إن الله هو الغفور الرحيم } فلا يدل على أن المراد التفطر بدعاء الولد والشريك ، من حيث إنه كلام يستوجب العذاب عاجلا ، فأخر عنهم لأنه غفور رحيم ، لأنا نقول ذلك صورة تستدعى الاجتراء على ادعاء الولد والشريك بلا توبة ، لأنه لم يذكر التوبة ، ولو قيل لك : فلان يشرك بالله ، فقلت : الله غفور رحيم ، لم يحسن جوابك ، لأنك لم تذكر التوبة ، لا ذكرها القائل . وعلى التفسير بادعاء الولد والشريك تكون الآية تنزيها بعد إثبات المالكية والعظمة ، ويبحث بأن المقام لبيان عظمة الله عز وجل ، والتنزيه ، ولو دل على العظمة ليس مصرحا به ، وانما هو فى ضمن متعلق يتفطرن ، وانما لم يقل تتفطرن بتاء التأنيث والغيبة ، لأن العرب لا تجمع بين علامتى تأنيث فى كلمة ، أو ما هو كالكلمة الواحدة ، ويتفطرن كالكلمة الواحدة مثل : يتربصن ، ويرضعن إلا قليلا ، كما قرىء تتفطرن بتاءين ، وتنفطرن بالتاء والنون ، وأما قامت الهندات فليست فيه داخلتين على كلمة ، ولا على ما كالكلمة الواحدة . { مِنْ فوقِهنَّ } من سطحهن الأعلى ، لأنه المقابل لعظمة العرش والكرسى والملائكة ، وهم أعبد من المؤمنين ، وأبعد عن المعاصى ، ولاعتبار ذلك لم يقل : من تحتهن ، مع أنه سبب التفطر من تحت ، وهو العصيان ، أو للمبالغة بحيث بدأ التشقق من فوق ، أو المراد يتشققن من فوقهن ، فكيف من تحتهن ، ومن للابتداء يبتدئن التفطر من أعلاهن أو من جهة الفوق ، فمن سببية لأن العرش والكرسى سبب ، وإذا تفطرن من فوقهن بذلك ، فأولى أن يتفطرن من تحتهن ، لما تحتهن من ادعاء الولد والشريك ، ويبعد أن الهاء للأرضين المعبر عنهن بالأرض ، على أن يراد بها الجنس ، لأنه خلاف الظاهر ، ولأن الفوقية على هذه الأرض فوقيه على ما تحتها ، ولا داعى الى اعتبارهن هنا ، ويبعد كونها لجماعة الكفار ، أى يتفطرن لكلامهم الباطل ، لأن ذلك خلاف الظاهر ، ولأنه لم يجر لهم ذكر . { والملائكة } مبتدأ خبره ما بعده ، أو معطوف على نون يتفطرن وما بعده حال ، والأول أولى ، لأن الثانى يئول الى قولك : يكاد السماوات تتفطر الملائكة { يسبِّحونَ } ينزهون الله عما لا يليق به ، وقيل : يصلون { بحمْد ربِّهم } كلهم ، وقيل : المراد هنا حملة العرش { ويسْتغفِرونَ } يطلبون مغفرة الذنوب ، وقيل : يشفعون { لمَن في الأرض } من المؤمنين ، كما قال الله عز وجل : { ويسْتغفرون للذين آمنوا } [ غافر : 7 ] الى { فاغفر للذين تابوا } [ غافر : 7 ] الخ ، وقيل : لمن فى الأرض كلهم بمعنى يدعون لهم بالهداية ، ويسعون فى اسباب المغفرة كالإلهام والاعانة فى بعض أمور المعاش ، وسؤال الرزق لهم ، ودفع العوائق ، وطلب تأخير العقاب ، ليؤمن المشرك ، ويتوب الفاسق ، أو يسعون فيما يدفع الحال فيشمل الحيوان { ألا إنَّ الله هُو الغَفُور الرَّحيمُ } لا مكلف إلا وله حظ عظيم من المغفرة والرحمة ، فضيعه من ضيعه بالاصرار { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } [ الرعد : 6 ] لا يتعاظمه ذنب التائب ، فقد استجيب دعاء الملائكة .