Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 21-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أم آتيناهم كتاباً } بل آتيناهم كتابا اضراب انتقال وانكار { مِن قبْله } قبل القرآن ، أو قبل الرسول لدليل السياق فى الوجهين ، ويجوز عوده على العلم المذكور على طريق الاستخدام ، أو المراد من قبل قولهم هذا { فَهُم بِه مُسْتمسِكُونَ } بما فيه من أنه لو نهى الله عز وجل عن عبادة الملائكة لم تصدر منهم ، أو من أنها غير محرمة ، مالهم من الله من كتاب فى ذلك ، بل قلدوا آباءهم كما قال تعالى : { بل قالُوا إنَّا وجدنا آباءنا على أمَّةٍ } طريقة تتخذ ديناً وتؤم أى تقصد ، ولذلك فسر بالدين ، لأنه يقصد ، وذلك كقدوة لمن يقتدى به ، ورحلة لمن يرحل اليه فى المهمات ، وفسر بعضهم الأمة بالجماعة ، وهو راجع للأول ، لأن الجماعة مقصودة يقتدى بها ، ويتبع بعضها بعضا قال شاعر اسلامى : @ وهل يستوى ذو أمة وكفور @@ أى ذو دين ، وقال قيس بن الحطيم : @ كنا على أمة آبائنا ويقتدى بالأول الآخر @@ أى على دين آبائنا ، ولا تقع معصية ولا طاعة ولا غيرهما إلا بمشيئة ، والمعصية واقعة بمشيئته كالطاعة ، قيل ولا تقل بارادته وباذنه إلا على معنى قضائه ، ويجتنب ما يوهم ، والصواب أن الارادة كالمشيئة والالزام أنه عصى مكرها ، وكفرت المعتزلة من قال : المعصية بمشيئة الله ، ونقول : هم كفروا بهذا التكفير كفر نفاق ونعمة ، ولا حجة لهم فى الآية ، لأن المعنى : ان الله عاب عليهم اعتذارهم بمشيئة الله عز وجل ، وهى ليست عذرا لأنه لو لم يشأ لكان معصيا قهرا ولو وقع فى الوجود ما لم تجر عليه قدرته ، وهذا كقولهم بخلق العبد فعله . واعلم أن الآية شاملة بالمعنى للفساق الموحدين فسق خيانة أو فسق تحليل وتحريم بتأويل ، حيث لا يجوز الخلاف ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة كلها هالكة إلا واحدة ناجية ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها هالكة إلاَّ واحدة ناجية ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلاَّ واحدة ناجية " وهذا هو المشهور ، وعليه أبو عبيدة رحمه الله تعالى . قال بعض أهل عمان : انه أدرك بعض الصحابة الذين أخذ عنهم جابر بن زيد رحمه الله ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية فقال : " هم الذين يعملون بكتاب الله تعالى وسنتي " ولفظ أبى يعقوب يوسف : " ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة كلهن الى النار ما خلا واحدة ناجية وكلهم يدعى تلك الواحدة " الحديث ، وفى حديث آخر : " ستفترقون على احدى وستين فرقة " وفى حديث آخر : " افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين ، وستفترقون على ثلاث وسبعين فرقة " الحديث ، وفى حديث آخر : " افترقت النصارى على احدى وثمانين ، واليهود على اثنتين وسبعين فرقة ، وأنتم على ثلاث وسبعين فرقة " الحديث ، والحديث يعنى الحديث الأخير من المسندات ، وليس من المتواترات ، انتهى كلام أبى يعقوب ، وفى الأحاديث موافقة لقوله صلى الله عليه وسلم : " كل زمان شر مما قبله وخير مما بعده " وكون هذه الآمة شرا من النصارى إنما هو باعتبار من تقوم عليهم الساعة ، فانهم شر الأمم على الاطلاق ، والكلام بالاعتبار لا بالاطلاق ، لأن هذه الآمة أفضل الأمم . { وإنَّا عَلى آثارهم } خبر ان { مهْتَدون } خبر ثان ، أو خبرها ، وعلى متعلق به قدم للفاصلة ، ولاهتمامهم بالآثار ، والآثار استعارة من آثار الأقدام لأقوالهم الباطلة ، قولهم : لو شاء ، وقولهم : هذا وقولهم فى الملائكة انها إناث بنات الله سبحانه ، وعلى الأول مجمع الأثر ، لأن كلا منهم يقول : لو شاء ، ويجوز أن يريدون بالآثار أباطيلهم كلها ، كأنهم احتجوا بأنهم مقتفون بآبائهم فى أقوالهم ، وإن منها ، { لو شاء الرحمن } [ الزخرف : 20 ] أو مع مسألة الملائكة .