Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 71-71)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يطاف } الغيبة على طريق الالتفات { عليَهم } فى الجنة بعد دخولها { بصِحافٍ مِن ذهبٍ } مملوءة طعاما بقصاع من ذهب ، وقيل الصحفة أعظم من القصعة ، يقال على الترقى : الكلية ، ثم القصعة ، ثم الصحفة ، ثم الجفنة { وأكْوابٍ } منه أو من ذهب مملوءة شراباً بدليل الأول جمع كوب بمعنى كوز لا عروة له ، قيل : هو دون الإبريق ، ويقال : هو مدور الرأس ، وجمع جمع القلة ، وإناء الطعام جمع الكثرة ، لأن أوانى الشرب أقل من أوانى الأكل ، فعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم ، بيد كل واحد صحفتان واحدة من ذهب ، والأخرى من فضة ، فى كل واحدة لون ليس فى الأخرى مثله ، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها ، يجد لآخرها من الطيب ما يجد لأولها ، ثم يكون ذلك كرشح المسك الأذفر ، لا يبولون ولا يتغوَّطون ولا يتمخطون ، اخوانا على سرر متقابلين " رواه ابن المبارك ، والطبرانى ، وعن عكرمة : " أن آخر أهل الجنة دخولاً وهو أدناهم منزلة يفسح له في بصره مسيرة عام في قصور من ذهب ، وخيام من لؤلؤ ، ليس فيها موضع شبر غير معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة ، في كل صحفة لون ليس في الأخرى ، شهوته في آخراها ، كشهوته في أولها ، لو نزل عليه أهل الدنيا لوسعهم ، ولم ينقص ذلك " أسألك اللهم ذلك لنا . { وفيهَا } فى الجنة { ما تَشْتهيه الأنفُس } من فنون الملاذ زيادة على ذلك الذى يطاف عليهم به ، وهذا تعميم بعد تخصيص ، كما أن قوله تعالى : { وتلذُّ الأعين } تخصيص بعد تعميم ، فان ما تلذه الأعين بعض ما يدخل فيما تشتهيه الأنفس ، بل لا لذة للعين بلا واسطة النفس ، فلو فتحت عين النائم أو السكران لم تدرك شيئا فضلا عن أن تلذه ، والعين جاسوس للنفس ، وهىالتى أرسلته ، ولو غابت عنها لم تعقل شيئا ، ولو كان يقظانا صاحيا ، ولا تشتهى النفس فيها ما هو خبيث كنكاح ذوات المحارم واللواط ، ولا يخطر فى النفس ذلك ، ولا ما هو مستحيل كرؤية البارئ ، ولا يخطر بالبال فضلا عن أن يشتهى أو يوسوس به ، ولا وسواس فى الجنة . وقد قيل لا أدبار لأهل لاجنة ، لأنهم لا يتغوطون ، ولا ريح فى البطون لطعام يخرج منه ، ولا أقول بذلك وهو نقص مما هو عليه والفرض أنهم يبعثون فهم باقون على ماهم عليه فى الدنيا ، إلا أنه لا روث ولا بول ولا ريح فى البطن ، وتقدم أنهم يمطرون كواعب أترابا ، ولهم ما يشتهون من أكل أو شرب أو لباس او مركب ، كفرس أو أنعام كابل ، كما قال رجل : يا رسول الله أحب الخيل ، قال : " لك الخيل من الياقوت الأحمر ، تطير بك حيث شئت " وقال آخر : يا رسول الله أحب الابل قال : " لك الإبل وما تشاء إن دخلتها " وفى رواية الترمذى أنه صلى الله عليه وسلم أجاب صاحب الابل بقوله : " إنْ أدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك " وأنه لم يجبه بما أجاب به صاحب الخيل . والولد لمن اشتهاه ، قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي " رواه أحمد وابن ماجه ، والترمذى والبيهقى ، وروى الطبرانى ، وابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم : " تلذونهن ويلذذنكم كلذاتكم في الدنيا غير أن لا توالد " أى لا توالد كتوالد الدنيا بطول وأطوار وتألم ، ودم ووسخ ، ومشيمة ، فيكون الولد من نسيم يخرج من الزوج " وجاء الخبر : " أنه لا منى فى الجنة " ولعل المراد لا منى منتن كمنى الدنيا ، فقد يكون منه الولد بلا سوء ، وليس أهل الجنة كلهم يخطر فى قلوبهم الولادة ويشتهونها ، فضلا عن أن يقال تضيق بهم الجنة ، بل لو كانوا كلهم يلدون لم تضق ، ولعل قائل ذلك راعى أنه لا موت فيا ، ولا انقطاع لها ، فاذا كانت الأولاد تزيد ولا تموت مع دوام ، فلا شك أنها تمتلىء ، لكن الله قادر على أن لا تزال تتوسع . وأل فى الأنفس والأعين للعهد ، وهى أنفس أهل الجنة وأعينهم ، أو للجنس ، أو للاستغراق ، ووجهه أن كل واحد منهم له ما يشتهى وتلذه عيناه ، لا أنهم كلهم يجتمعون على حب شىء ، أو نائبة عن المضاف اليه ، أى أنفسهم وأعينهم ، وما شاملة لما يلذ الأعين ، ويحتاج تلذ لو أبدل لأنه عطف على الصلة ، أى وتلذه الأعين ، واختار جماعة تقدير موصول هكذا : وما تلذه الأعين . { وأنتُم فيها } فى الجنة ، وقيل : فى الملاذ المذكورة { خالدون } دائمون عطف على فيها ما تشتهيه الأنفس ، وفيه رجوع الى الخطاب ، والجمل بينهما معترضة ، وقيل هذا الخطاب التفاوت للتشريف ، وفى ذكر الخلود تأكيد فى المعنى لقوله : { لا خوف عليكم } [ الزخرف : 68 ] لأن زاوال النعمة ضرر مخوف ، وموجب لكلفة التحفظ قال :