Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 35-35)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنْ هِي } أى الموتة التى تعقبها حياة { إلاَّ مَوتتُنا الأولى } هى انتفاء عنهم حين كانوا نطفا فى بطون أمهاتهم ، حتى ينفخ فيهم الروح ، وأما الموتة بعدها فلا يعقبها حياة ، فلا بعث ولا ثواب ولا عقاب كما قال : { وما نَحْن بمُنْشَرين } بمبعوثين ، ورد الله عليهم بقوله : { وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم } [ البقرة : 28 ] فسمى الله ما قبل نفخ الروح فى الجنين موتة ، والمعهود الموتة التى تعقبها ، فهىالمراد فى كلامهم ، ولا يعارض ذلك قوله تعالى : { لا يذوقون فيها الموت إلاَّ الموتة الأولى } [ الدخان : 56 ] لأن الأولى فى هذه الآية الموت بعد الحياة الدنيا ، بدليل يذوقون ، وموت ما فى البطن قبل النفخ لا يسمى ذوقا ، إذ لا ضر فيه على الجنين ، وانما سميت الأولى باعتبار تصور موتة ثالثة ، فان الشىء الثانى أول باعتبار الثالث ، والثالث أول باعتبار الرابع ، ولا يخفى أن الأولى تشعر بالثانية ، والأول يشعر بالثانى ، فان وجد ذلك تحقيقا فهو الأصل ، ولا اعبر حكما وفرضا . ولنا تأويل آخر هو أنهم يحيون فى القبور ، ويعذبون ويموتون أربعين عاما اذا قامت القيامة ، ثم يحيون بالبعث ، سمعوا هذا فأنكروا أن يموتوا موتة البرزخ ، وأن يحيوا قبلها فى القبور ، ويبعثوا فقالوا : الأولى ثابتة ، والثانية التى تدعونها بعدها حياة باطلة ، واذا قال : هذا أول مال اكتسبته ، ولم يكسب ثانيا حين قال ذلك أولا بعد ذلك أيضا ، فانما قال ذلك باعتبار قصده الى أن يكسب ثانيا ، أو فرض كسبه ، ولولا ذلك لم يسمه أولاً ، ولا يقال حج عمر ، والحجة الأولى ، ومات مطلقا ، بل بقيد أن يقصد الثانية ، أو تعتبر له ولو بالنفى مثل أن يقال ثانيته لم تكن كقولك حج حجة لم تكن بعدها أخرى ، أيضا ولو باعتبار غيره ممن له ثانية . فان قال : إن كان أول ولد تلدينه ذكرا فعبدى حر ، عتق عبده بولادة ذكر ، ولا ينتظر به أن تلد آخر ذكرا أو أنثى ، وما ذلك إلا باعتبار صورة أخرى ، هى أن تلد أنثى أولا ، ثم ذكرا بعد ، وبهذا المثال توهم الفارسى أنه لا يشترط للأول ثان حتى ادعى الاتفاق عليه ، وأن الموتة الأولى فى الآية الموت فى الدنيا مع أنه لا ثانية بعدها ، وليس كما قال ، مع أن هذا المثال لا يقبل حى يصح ورود مثله فى كلام العرب ، وأما الحكم الشرعى ، فالسؤال عن قصد المتكلم به ، فان : قصدت ولادة الذكر بلا سبق أنثى حكم بالعتق ، وإلا فلا عتق حتى تلد آخر ، والإ لزم أن كل فعل مخصوص يسمى أولا ولو بدون اعتبار سبق من فاعله ، وهذا كالعبث ، مثل أن يقرأ سورة الاخلاص مرة فتقول : هذه أول مطلقا بلا قصد منك لا منه ثانيه ، ولا قصور فى هذا ، وأسهل من ذلك أن المراد بالأولى مطلق التقدم ، وأطلق المقيد وهو ما له ثان ، وأراد المطلق وهو المتقدم .