Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 3-4)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّا أنْزلناهُ } أى أنزلنا الكتاب الذى أنزلناه وأقسمنا وهو القرآن ، والقسم بالشىء على نفسه جائز كقولك : والله ان الله هوالحق { في ليلة مباركة } أكثر الله فيها الخير وأثبته ، وهى ليلة القدر عند الجمهور وهو الصحيح ، وليلة القدر فى رمضان ، وقيل : الليلة المباركة ليلة النصف من شعبان ، وتسمى الليلة المباركة ، وليلة الرحمة ، وعن ابن عباس : إن الله تعالى يقضى الأقضية ليلة النصف من شعبان ، ويسلمها الى أرباها ليلة القدر ، وتسمى أيضا ليلة الصك ، وليلة البراءة ، لأن قابض الخراج اذا استوفاه كتب لهم براءات كبراءات الدون المقضية ، وبراءة الجانى إذا تخلص ، وقولهم : براوات خطأ . سأل صلى الله عليه وسلم ليلة الثالث عشر من شعبان فأعطى ثلث أمته ، وليلة الرابع عشر فأعطى ثلثيها ، وليلة الخامس عشر ، فأعطى الجميع إلا من شرد على الله شراد البعير ، قال على بن أبى طالب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيه لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول : ألا مستغفر فأغفر له ، ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر " ومعنى نزول الله سبحانه وتعالى نزول ملك يقول عن الله تعالى ، روى ذلك الحديث ابن ماجه والبيهقى . قالت عائشة رضى الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عند شعر غنم طالب " رواه الترمذى ، والبيهقى ، وابن ماجه ، وابن أبى شيبة ، ومعنى نزوله نزول رحمته ، ومعنى انزال القرآن فى اليلة المذكورة فى الآية انزاله جملة الى البيت المعمور ، فى السماء الدنيا ، وهو مسامت الكعبة ، وكان ينزل به جبريل شيئاً فشيئاً فقيل : كان ابتداء الوحى مناما فى ربيع الأول ، وبعد ذلك نزل أول القرآن نزولا ، وهو : { أقرأ باسم ربك الذي خلق } [ العلق : 1 ] فى يوم الاثنين لسبع عشرة مضت من رمضان ، أولسبع منه أو لأربع وعشرين منه ، ومضت ثلاث سنين بعد نزول : { اقرأ باسم } فنزل { يا أيها المدثر } [ المدثر : 1 ] وفضل الأزمنه والأمكنة لذاتها ، أو لما يقع فيها من الأعمال ، أو يحل فيها ، قولان ثالثهما أنه يجوز بعضها لذاته ، وبعضها لخارج ، ومن ذلك قبره صلى الله عليه وسلم فانه أفضل من الكعبة والعرش والكرسى ، لحلوله فيه تعالى الله من الحلول فى العرش أو الكرسى أو غيرهما ، أو فى زمان ، ويدل على أن الفضل بالذات فى حكم الله تعالى ، أن الله سبحانه وتعالى اختار أزمنة وأمكنة للعمل أو الحلول قبل أن يكون العمل أو الحلول ، وهو حكيم لا يهمل أمرا ولا يعبث . { إنَّا كنَّا مُنْذرين } من شأننا وحكمتنا الانذار تخويفا بالعقاب لا الاهمال ، ولذلك كان انزال الكتاب ، فهذا عائد للانذار وقوله : { فيها يُفْرقُ كل أمر حَكيمٍ } عائد لليلة ، سواء جعلناه نعتا ثانيا لليلة ، أو مستأنفا ، أو جواب القسم ، وإنا انزلناه الخ معترضا أو جوابا ثانيا للقسم ، كما يتعدد الخبر بلا عطف ولا ابدال ولا تأكيد ، فيكون الاقسام على المجموع ، وعليه فيجوز أن يكون { إنا كنا منذرين } جواب القسم ، فيحصل له ثلاثة أجوبة ، وكما كان الله منذرا كذلك ، كان مبشرا إلا أن المقام للانذار لشدة كفرهم واصرارهم . ومعنى يفرق يلخص ويفصل للملائكة خارجا بعد أن كان فى اللوح مستورا مخلوطا بغيره ، ومعنى حكيم محكم لا يبدل أو يغير بعد ابرازه للملائكة ، وأما قبله ففى اللوح يمحو منه ما يشاء ويثبت ، كذا قيل ، وفيه أنه يقع النسخ بعد الابراز والنزول ، أو حكيم بمعنى محكوم به ، أو ملتبس صاحبه بالحكمة ، أو ذو حكمة كتامر ولابن ، يكتب فى ليلة القدر عند الحسن وغيره ، وفى ليلة النصف من شعبان عند عكرمة وغيره ، ولكل سنة ما يقع فيها من رزق أو حياة أو موت ، أو مطر أو حاج ومعتمر ، وأجل وتزوج ، وطلاق وصلح ، وفتنة وحرب ، ومرض وصحة ، وآفة وعافية وغير ذلك ، ولا يزاد على ذلك ولا ينقص ، وان الرجل لينكح ويولد له ، وقد خرج اسمه فى الموتى ، وتدفع نسخة الأرزاق الى ميكائيل ، ونسخة الحروب والزلزال والصواعق والخسف الى جبريل ، ونسخة الى اسماعيل صاحب السماء الدنيا ، وهو ملك عظيم ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت ، وعن ابن عباس : تقضى الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان ، وتسلم الى أصحابها ليلة السابع والعشرين من رمضان ، والصحيح أن الليلة ليلة القدر ، نعم قيل : ليلة القدر ليلة النصف من شعبان ، ولا نقول به .