Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 16-17)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقَد آتيْنا بني إسرائيل الكتاب } المعهود لهم وهو التوراة المشتملة على الأحكام الكثيرة ، ويقال : لم يتسع لنبى فقه الأحكام ما اتسع لموسى عليه السلام ، وقلت الأحكام فى الانجيل ، وأكثر أحكام عيسى من التوراة ، وأما الزبور فأدعيه ومناجاة ، والصحف مواعظ ، ولا مانع من أن يراد بالكتاب الجنس الشامل لذلك كله لأنها كلها لأنبياء بنى اسرائيل يمتن الله تعالى بها عليهم ، وأحكام القرآن كثير ، وباعتبار ما يستخرج منه العلماء تكون أكثر مما فى التوراة { والحُكْمَ } القضاء بين الناس ، وكان المُلْك فيهم أو الفقه فى الدين ، أو الحكم النظرية الأصلية والعملية الفرعية { والنبوة } ما كثرت النبوة والرسالة الا فيهم { ورزقناهُم مِن الطيِّبات } أعطيناهم الرزق الطيب وأنزلنا عليهم المن والسَّلوى { وفضلناهم على العالمين } كلهم من حيث كثرة النبيين والكتب والمعجزات ، لا من كل وجه ، فان هذه الأمة أفضل من حيث إن نبيها أفضل الأنبياء ، وكتابها أفضل الكتب ، تشهد بذلك أنبياء اسرائيل وكتبهم ، ومر كلام فى مثل هذه الآية ، وذلك كما قال الله عز وجل : { وآتيناهم بينات من الأمْر } قال ابن عباس : من أمر النبى صلى الله عليه وسلم ، وعلامات مبينة لصدقه عليه الصلاة والسلام ، ككونه يهاجر من مكة الى يثرب ، ويكون أنصاره أهلها ، والآيات الدلائل الظاهرة فى أمر الدين ، ومن بمعنى فى ، وشملت معجزات موسى عليه السلام ، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبعض شأنه ، وفسرها بعض بمعجزات سيدنا موسى عليه السلام { فَما اخْتَلفوا إلاَّ مِن بعْد ما جاءهم العِلم } فى كتابهم بحقيقة الحال ، فجعلوا ما هو موجب لعدم الخلاف موجبا لرسوخ الخلاف ، ومن ذلك الباب أنهم كانوا مؤمنين برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما بعث وأنزل عليه الكتاب أنكروه ، وقل من آمن منهم ، فذلك اختلافهم ، أو المراد أنهم خالفوا على أنه لم يعتد بمن آمن لقتله ، ووجه الرسوخ قوة دلائل التوراة ، وما كفروا معها إلا رسوخ كفرهم ، فيجوز أن يكون العلم القرآن وهو أولى فى تسبب كفرهم ، أو المراد كتبهم والقرآن . { بغْياً } عدواة وحسدا لا شكا فى التوراة أو فى القرآن ، وما زالوا فى ذلك حتى رسخ الانكار فيمن بعدهم ، ولم يذعنوا فى قلوبهم وألسنتهم ، حتى كانوا مثل مشركى العرب ، ومن لا كتاب له ، والآن قل من يقول : محمد رسول العرب ، أو رسول الله من لا كتاب له وكذبوا ، بل رسول الى الناس كلهم ، قال صلى الله عليه وسلم : " لو كان أخي موسى حياً لم يسعه إلاَّ اتباعي " { إنَّ ربَّك يقْضي بيْنَهم } بالجزاء { يَوم القيامة فيما كانُوا فيه يَخْتلفون } من أمر الدين فيثيب المحق ، ويعاقب المبطل كالمجسمة منهم ، ومُحرفى التوراة ، ومنكرى عيسى والانجيل ، وسيدنا محمد صلى الله عليهما وسلم ، والقرآن .