Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 31-31)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا قومنا } أعادوا النداء تأكيدا { أجيبُوا داعي الله } هو القرآن أو ما سمعوه منه ، أو الرسول صلى الله عليه وسلم ، سمعوا ذلك داعى الله ، لأنه يدعو اليه ، والإضافة بمعنى لام الملك أو الاستحقاق ، وذلك كمؤذن السلطان ، وقاضى السلطان { وآمنوا به } بالداعى أو بالله تعالى { يغْفِر لَكُم مِن ذُنُوبكم } أى يغفر ذنوبكم كلها ، على أن من صلة عند الاخفش والكوفيين ، والاسلام يجبّ ما قبله من حقوق الله وحقوق العباد ، وقيل : من للتبعيض ، والبعض الذى لا يغفر له حقوق العباد ، وقد مر عن عطاء أن النفر كانوا قبل يهودا ، وذلك تنزيلا لهم منزلة الموحد الفاسق ، وقيل : تغفر ذنوب الحربى ، ولو حقوق العباد إذا أسلم . وقد يقال : الذى لا يغفر ما حضر حال الاسلام كخميس زوجات ، واستعباد مسلم ، ووجود خمر عنده ، ولا اشكال فى هذا ، ومقام الكفر قبض لا بسط فلم يذكر المغفرة للكافر الا مبعضة غالباً ، ومن غيره يغفر لهم ما قد سلف ، فانه شامل لحقوق الخلق ، وجاء البسط فى قوله تعالى : { فقولا له قولاً ليناً } [ طه : 44 ] وقيل : البعض الآخر ما يفعله بعد اسلامه ، فذكر من دفعا لتوهم اسقاطه بمجرد اسلامه ، وقيل : جاء من ، لأن الجن لم يعلموا أن الاسلام جبّ لما قبله كله . { ويُجركم مِن عَذابٍ أليمٍ } معد للكفرة ، ومعلوم أن لا دار للمكلف بعد البعث إلا الجنة والنار ، ومن لم يكن فى احداهن كان فى الآخرى فكما يجير الجن المؤمنين بالعذاب يثيبهم بالجنة ، ولا فرق بينهم وبين الآدميين فى دخول الجنة ، والتنعم بأكلها وشرابها وازواجها وغير ذلك ، هذا مذهبنا ، ومذهب مالك بن أنس ، والحسن البصرى ، والضحاك وغيرهم ، وهو الحق ، وعليه الأكثر واستدل له ضمرة بن حبيب بقوله تعالى : { لم يطمثهن إنسٌ قبلهم ولا جان } [ الرحمن : 56 ] قال : الانسيات للانس ، والجنيات للجن ، وانما اقتصر فى الآية على ذكر العذاب ، لأن المقام للانذار ، نعم قيل : يكونون فى فيافى الجنة وأطرافها . وهو مروى عن مالك وطائفة . وقيل : هم أصحاب الأعراف ، قيل : ونراهم فيها ولا يروننا . وزعم الليث أنه يجأرون من النار فيقال لهم : كونوا ترابا لقوله تعالى : { يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم } وليس كذلك ، ونسب لأبى حنيفة ، وروى عنه الوقف ، وعن عمر بن عبد العزيز : يكونون حول الجنة لا داخلها ، وقيل يدخلون الجنة ، ويلهمون التسبيح . ويلتذون به مكان الأكل والشرب وغيرهما ، وهو قول الحارث المحاسبى ، وفى اليواقيت : الخواص منهم يروننا فيها ، كما أن الخواص منها يرونهم فى الدنيا ، وقيل يروننا ونراهم لا كالدنيا ، وعن أبى حنيفة يدخلون الجنة ، ولا ثواب لهم فيها زائدة على دخولها ، وعنه لا يكونون فى الجنة ، ولا فى النار ، ولكن فى معلوم الله تعالى ، ومن زعم أن الله يرى فى الآخرة وذلك خطأ يقول : لا تراه الجن ، كما لا تراه الملائكة إلا جبريل ، فانه يراه مرة ، وصححوا أن الجن تراه كما يراه الآدميون ، والحق أن الله لا يراه أحد .