Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 1-1)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ الذين كَفَروا } بالقرآن عموما ، وبرسول الله صلى الله عليه وسلم { وصَدوا } من الصدود ، وهو لازم ومعناه العارض أى أعرضوا { عَن سَبِيل الله } لم يعلموا بما أمروا بعمله ، ولم ينتهوا عما نهوا عنه من الأقوال والأفعال ، ويدل على أنه من الصدود وهو لازم قوله تعالى : { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله } [ يوسف : 108 ] أى فأجيبونى اليها ، أى لا تعرضوا عنها ، مع قوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ محمد : 2 ] أى لم يعرضوا فآمنوا وعملوا الصالحات ، مقابل عن سبيل الله ، وآمنوا بما نزل على محمد مقابل الذين كفروا ، ويجوز أن يكون متعديا من الصد فحذف المفعول لعموم ، أى صدوا كل من وجدوا ، أى دعوه الى الاعراض عن سبيل الله ، سواء طاوعهم أو لم يطاوعهم . ويدل على التعدى قول الضحاك : سبيل الله ، بيت الله ، كانوا يصدون من قصد بيت الله عنه ممن كرهوا ، وأرادوا أخذ شىء عنه ، فاذا أعطاهم خلوا بينه وبين البيت ، والأولى العموم لا خصوص البيت ، والآية عامة لكل من اتصف بالكفر والصد عن سبيل الله ، هم اثنا عشر رجلا يصدون الناس عن الاسلام ، وقول بعضهم : انهم شياطين من الجن من أهل الكتاب ، صدوا عن الاسلام من أراده من الجن وغيرهم ، وأما الاطعام يوم بدر الكبرى تقوية للمشركين ، فلا يقوى التعدية كما توهم بعض المحققين وابن عباس ، فسر الذين كفروا وصدوا بالمطعمين يومئذ ، وقيل : اليهود ، وقيل : كفار قريش ، والأولى عموم من كفر وصدوا ، لم يكن الاطعام مقويا للتعدى لأن الذين أكلوا من ذلك الطعام كافرون من قبل الاطعام يستمرون على الكفر ، ولو لم يطعموا ، نعم المطعمون أشد كفرا وصدا وصدودا من غيرهم . ويجاب بأن تعميم الآية فيمن أطعم ومن لم يطعم أعظم فائدة . بل لو فسرت بالصدود بلا اطعام ، أو بالصد بدونه لدخل المطعم بالأولى ، فلا يخفى أن الضال بنفسه دون الضال المضل ، والضال المضل دون الضال المطعم ، لأنه يضل الناس بنفسه وماله ، وفيه أنه لا إضلال فى الاطعام كما مر ، إلا أن يراد بالاضلال فى جانبهم التجسير على السفر لغزوة بدر ، واول من أطعم أبو جهل ، أطعم المشركين يوم خرجوا من مكة الى بدر نحو عشرا من الابل ، ثم صفوان بن أمية تسعا بعسفان ، ثم سهل بن عمر وبقديد عشرا ، ثم شيبة بن ربيعة ، وقد تاهوا تسعا ، ثم عتبة بن ربيعة عشرا ، ثم مقيس الجمحى بالأبواء تسعا ، ثم العباس عشرا قبل اسلامه ، أو بعد اسلامه ، ومن أسلم قبل نسخ الهجرة ولم يهاجر فاسق ، وقيل : مشرك ، كأنه خرج وأطعم بصورة القهر ، ولا يقدر ، وكأنه فعل ليشفع فيه صلى الله عليه وسلم ان كان مغلوبا . وفى رواية أنه صلى الله عليه وسلم وصى به أن لا يقتل ، وأنه خرج مغلوبا ، وأنه لم يطعم ، والحارث بن عمرو تسعا ، أبو البحترى على ماء بدر عشرا ، ومقيس تسعا ، ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من أزوادهم ، وقيل : المطعمون ستة : نبيه ومنبه ابنا الحجاج ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو جهل والحارث ابنا هشام ، وزاد مقاتل ستة : عامر بن نوفل ، وحكيم بن حزام ، وزمعة بن الأسود ، والعباس ، وصفوان بن أمية ، وأبو سفيان كل يطعم يوما . { أضلَّ } أبطل ، { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً } [ الفرقان : 23 ] أو جعل أعمالهم ضلالا غير هدى ، أو جعلها ضالة أى غير مهتدية على التجوز فى الاسناد { أعمالهم } من الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بهذا الاطعام ، فلم يؤثر بل قتلوا وأسروا ، ومن العمل الصالح لم ينجوا بها من ذلك فى الدنيا ، ولا يثابوا عليها يوم القيامة ، كصلة الرحم ، وقرى الضيف ، وفك الأسير ، وإجارة المستجير ، واطعام اليتيم ، والهدى ، وغير ذلك من المكارم .