Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 97-97)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ جَعَلَ اللهُ } صير الله { الْكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً } مفعول ثان ، أَو خلق الله الكعبة ، فقياما حال ، أَى قائمة أَو تقوم قياماً { لِلنَّاسِ } معناه ارتفاعاً لهم عن الضعف يلوذ به الخائف من عدوه ، ولو قتل أَباه أَو ابنه أَو لقيه ، ويأْمن فيه الضعيف من أَن يظلم ، وتجبى إِليه ثمرات كل شئ ، يربح فيه التاجر لاجتماع الناس فيه من الآفاق ، أَو معناه نظاماً لدينهم يتوجه إِليه الحجاج والعمار لدينهم فإِذا هدم وترك حجة هلك الناس ، أَو معناه ذلك كله : أَى شيئاً يقوم به أَمر دنياهم ودينهم ، يقال : كان فى الناس ملوك يدفعون عنهم ولا ملك للعرب ، وجعل الله عز وجل لهم الكعبة شرفاً وأَمنا . وذكره الطبرى وابن أَبى حاتم ، والياء عن واو لانكسار ما قبلها ، والعرب تسمى كل بيت مربع كعبة لارتفاعه عن الأَرض وأَصله الخروج عن الاختفاء ، ولا يشرط الطول ، ومنه تكعب الثدى وكعب القدم ، أَو سمى لتربعه ولو كان فيه بعض طول باعتبار حال الحجر العظيم قبل إِخراجه ، أَو سميت لارتفاع شأْنها عند الله وعند الناس ، يقال للعظيم علا كعبه ، والبيت عطف بيان أَو بدل أَو مفعول ثان ، وقياماً حال أَو مفعول مطلق ، ولا يسلم أَن شرط عطف البيان المدح أَو الذم ، ولو سلمنا لقلنا بوجود المدح بنعت البيت بالحرام وبكونه البيت المعتد به عند الله ، وكونه بيت الله ، وذلك رد على خثعم إِذ بنو بيتاً سموه الكعبة اليمانية ، وعلى ربيعة إِذ بنوا بيتاً وسموه ذا الكعبتاب ، والمراد بالكعبة البيت الحرام الحرم كله { وَالشَّهْرَ الحَرَامَ } أَراد الجنس وهو ذو القعدة ، وذو الحجة والمحرم ، وهن سرد ، ورجب وهو فرد ، لا قتال فى الجاهلية وفى الإِسلام عند دخولهن حتى نسخ تحريم القتال فيهن ، وقيل المراد ذو الحجة ، وهو أَنسب بالمقام ، وهو وما بعده معطوفان على الكعبة ، فقياما عائد إِلى الكل ، وهن فى نية التقديم عليه ، وهذا أَولى من أَن يقدر لكل واحد من الثلاثة لفظ قياماً أَو لهن معاً لفظ قياماً ، ومعنى كون الشهر الحرام قياماً أَنه لا يتعرض في الأَشهر الحرم لقتل أَو غارة ، ويزال الخوف ويحجون ويتجرون آمنين ، وذلك منافع للدنيا والآخرة { وَالْهَدْىَ } معنى كونه قياماً أَنه منفعة لفقراء الحرم ياكلونه { وَالقَلاَئِدَ } أَى ذوات القلائد وهى أَخص من الهدى خصت بالذكر لمزيد شرفها ثواباً ، ومزيد ظهور شعار الحج بها ، وكانوا لا يتعرضون لسائق الهدى ، ولا سيما صاحب الهدى المقلد ، ولو فى غير الأَشهر الحرم ، ولا الهدى ، ويموت أَحدهم جوعاً ولا يتعرض للهدى ، وكذا صاحب الهدى لا يتعرض للهدى ولو يموت جوعاً ، وذلك تعظيم لبيت الله الحرام بإِذن الله ، وذلك من دين أَبيهم إِسماعيل وأَبيه إِبراهيم ، أَو يقدر وذوى القلائد إِذا كان أَحدهم إِذا قلد نفسه لحاءَ الشجر أَو الشعر ذهاباً إِلى الحج أَو العمرة أَو زائراً أَو راجعاً من ذلك لا يتعرضون له احتراماً للبيت ، فالأُولى أَن لا تقدير فيعم المقلد من البهائم ومن الناس فنفس تلك القلائد قيام للناس مانعة لهم إذا تقلدوها ولأنعامهم إِذا قلدوها { ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا } شرع الله ذلك لتعلموا ، ومن أَجاز الإِخبار بالجار التعليلى ومجروره أَجاز أَن يكون ذلك مبتدأ خبره محذوف ، أَى مشروع لتعلموا ، أَو خبره لتعلموا ، أَو الإِشارة عائدة إِلى الجعل ، أَو إِلى حفظ حرمة الإِحرام . { أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَئٍ عَلِيمٌ } تعميم بكل شئ بعد تخصيص بما فى السماوات وما فى الأَرض تعلم صفات الله بأَفعاله لاتقائها فنعلم بشرعه الأَحكام لدفع المضار قبل وقوعها ، وجلب المنافع المترتبة عليها ؛ لأَنه حكيم كامل العلم والقدرة ؛ وقيل : المراد بكل شئ الأُمور المتعلقة بما فى السماوات والأَرض .