Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 18-18)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ما يلْفِظُ مِن قَولٍ } مما له ثواب أو عقاب فقط عند ابن عباس { إلاَّ لَديه رقيبٌ } ملك مراقب يكتبه ، ويكتب أيضا حسنات الأطفال ، وقد قيل : ان الأطفال مأمورون أمر ندب ، صاحب اليمنى يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات { عَتيدٌ } محضر مهيأ للكتب ، ولم يذكر الفعل لعلم حمه من القول ومن ألآى الأخر ، ولأن الكلام قبل وبعد فى الألفاظ ومن جنسها ما توسوس به النفس ، وسواء فى ذلك الكافر والمؤمن ، ويكتبان الاعتقاد أيضا والتقرير . وعن حذيفة بن اليمانى أن للكلام سبعة أغلاق ، إذا خرج منها كلها كتب ، وإلا لم يكتب : القلب واللهات ، واللسان ، والحنكان ، والشفتان ، ولا يكتبان ما فى القلب معصية أو طاعة أو غيرهما ، وقيل ، يكتبان كل ما خرج ولو مباحا أو غلطا أو نسيانا ، ولا يكتبان ما فى القلب ولو طاعة أو معصية ، وقال الحسن : يكتبان ما فيه وما فى الخارج طاعة أو معصية لو غيرهما ، عمدا أو نسيانا ، وقيل : يكتب كل شىء ، ويوم القيامة ، أو كل يوم خميس ، أو كل يوم اذا صعد العمل الى السماء أسقط ما لا شر فيه ولا خير ، مثل يا غلام اسقنى ، ويا غلام أسرج الدابة ، وأكلت وشربت ، وجئت وذهبت ، فقيل ذلك قوله تعالى : { يمحوا الله ما يشاء ويثبت } [ الرعد : 39 ] وان أراد بالمباح طاعة أو معصية فقد يظهر الله لهما ارادته بأثر فى فعله ، وقد لا يظهره ، والصحيح أنهما لا يكتبان ما فى القلب ، ولا يطلعان عليه لقوله تعالى : " أنتم الحفظة على ظاهر عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه " تزكى الملائكة العمل فيقول الله : " اضربوه به فإنه لم يردني به " ويحتقران عملا ويقول الله تعالى : " ضاعفوه واجعلوه في عليين وأنا أعلم به " ويقول : " اكتبوا لفلان كذا " فيقولون : يا رب لم يفعله ، فيقول : " انه نواه " . وأما قوله تعالى : " اكتبوا لعبدي ما كان يعمل قبل سفره وقيل مرضه " فلا دليل فيه على علمهم بما فى القلب ، لأنه يحمل على ما ظهر لهم من أعماله قبل هكذا أو على كتابة ما ليس طاعة ولا معصية ، فهو يكتبه ملك الشمال لرواية الأوزاعى ، عن حسان بن عطية : أن رجلا عثر به حماره فقال : تعست ، فقال صاحب اليمين : ما هى حسنة فأكتبها ، وقال صاحب الشمال : ما هى سيئة فأكتبها ، فنوجى صاحب الشمال : ما ترك صاحب اليمين فاكتبه ، وعلى هذا أنه لم يرد بتعست الجزع من قضاء الله عز وجل ، أو ظلم الحمار السوء ، فقد يظهر الله فيه ظلمة المعصية ، وقد لا يظهره ، وكذا ما احتمل الطاعة فقد يظهر الله فيه النور اذا أريدت به ، وملك اليمين أمين على صاحب الشمال اذا عمل حسنة كتبها فى الحين بعشر ، وان عمل سيئة قال لملك الشمال : أخره ست ساعات أو سبعا لعله يتوب ، فان لم يتب كتب واحدة . ولا يكتب عن مجنون شىء ، ولا عن سكران بنحو مرض ، ويكتب عن سكران خمر كل ما فعل أو قال من معصية ، ويظهر أن للجن ملائكة يكتبون عليهم ولهم كالانس ، وأنه ليس للملائكة من يكتب لهم ، وإلا تسلسل إلا أن يقال : يكتب الملك لآخر ، ويكتب له الآخر أو غيره من الملائكة ، ويروى أن للملائكة ملائكة حفظة عليهم ، وعن أنس ، أنه صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ ملكي العبد يقومان على قبره يحمدان الله ويسبحانه ويكبرانه بأمر الله تعالى ويقول لهما : اكتبا ذلك له ، ويقومان على قبر الكافر يلعنانه " . وعن الحسن : الحفظة اثنان بالنهار واثنان بالليل ، وهو يحتمل التبدل ، فملائكة كل يوم وليلة غير ملائكة اليوم والليلة قبلهما ، ويحتمل عدم التبدل ، وقيل : ملائكة الحسنات يتبدولن تنويها بشأنه لا ملائكة السيئات سترا له ، ويفارقه الملائكة عند الجماع والخلاء ، ولا يمنعهما ذلك عن كتب ما يصدر عنهما ، وعن عثمان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : كم ملك للانسان ، فذكر له عشرين ، والمعقبات فى قوله تعالى : " له معقبات " غير الكاتبين ، وعن عبد الله بن المبارك ، وكل بالعبد خمسة أملاك اثنان بالليل ، واثنان بالنهار يتبدلان ، وواحد لا يفارقه ، والله أعلم بصحة ما قيل . عن ابن عطية : على الانسان من حين كان نطفة فى الرحم الى أن مت أربعمائة ملك وجملة : { إلا لديه رقيب عتيد } حال من ضمير يلفظ ، والآية فى أهل التوحيد ، وأهل الشرك ، وزعم بعض أن أهل الشرك لا حفظة لهم ، لأن أمرهم ظاهر ، وعملهم واحد { يعرف المجرمون بسيماهم } [ الرحمن : 41 ] ولا يؤخذ بذلك ، بل لهم حفظة ، والآية نزلت فيهم ، قال الله عز وجل : { كلا بل تكذبون بالدين * وإنَّ عليكم لحافظين * كراماً كاتبين * يعلمون ما تفعلون } [ الإنفطار : 9 - 12 ] .