Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 16-17)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ آخذِين } حال من ضمير الاستقرار ، أى نائلين وقابضين { ما أتاهُم ربُّهم } كمن قبض ما وعد له ، ولم يخلف ، وحاصله أنهم اتصلوا بما وعدهم به ، ولم يفتهم أو قائلين لكل ما آتاهم ربهم ، لأنه ليس فيه شىء غير كامل ، وفى هذا الوجه ضعف ، إذ لا يتوهم المؤمن نقصا فيدفع ، والكفار نفوا الثواب والبعث البتة ، فلا يصح على ظاهره ، بل على وجه الكناية عن الكمال فقط ، ولو أعطى المؤمنون الموت ، أو نعما كنعم الدنيا لرضوا أعظم الرضا ، اذ نجوا من النار { إنهم كانُوا قَبْل ذلكَ } أى كانوا فى الدنيا ، فالاشارة الى اليوم أو الوقت أو البعث { مُحْسِنين } آتين بأعمال حسان ، فاستحقوا الجنة وما فيها ، والجملة تعليل ، وبين الله عز وجل بعض احسانهم بقوله : { كانُوا قَليلاً مِن الليل ما يهْجَعُون } الى قوله : { والمحروم } وأشار الى باقى أعمالهم بهذه الخصال ، لأن من حاله هذه لا بد أن يكون قد وفى بغيرها أيضا ، ولأن هذه نوافل فلا بد أن يكونوا قد أتوا بالفرائض وما دون تلك النوافل مما هو أخف منها ، وذلك قبل فرض الفرائض كما قيل على ضعف ما آتاهم ربهم من الفرائض أنهم كانوا قبل نزول الفرائض محسنين بالنفل ، والآية فى قوم مخصوصين ، أو شدد على الناس أول الاسلام ، ثم نسخ التشديد والا فليس كل المؤمنين قليلا من الليل ما يهجعون ، والجملة مستأنفة لبيان البعض ، والاستئناف لا ينافى البيان ، فلا حاجة الى جعلها بدلا من جملة خبر ان ، ولا الى جعلها تفسيرية نحوية لا محل لها ، وعلى الابدال تكون بدل بعض . ويجوز أن تكون خبرا ثانيا ، والهجوع النوم مطلقا أو نوم الليل ، أو النوم القليل ، وقليلا مفعول مطلق أى هجوعا قليلا ، ومن بمعنى فى متعلق بيهجعون ، أعنى بيهجع من جمل يهجعون ، وكذا مرادى فى مثل ذلك ، أو قليلا ظرف زمان ، أى زمانا قليلا متعلق بيهجع ، ومن للتبعيض تعلق بمحذوف نعت لزمانا المقدر ، وما صلة للتأكيد ، أو ما مصدرية ، والمصدر فاعل لقليلا ، وقليلا خبر كان لا ظرف ولا مفعول مطلق ، أو هجوعهم بدل من واو كانوا بدل اشتمال ، وقليلا اعتبر فيه البدل فأفرد ، أو المبدل منه ، وافرد لفظا ، والمعنى جمع كما مر فى فعيل بمعنى فاعل ، ومن بمعنى فى متعلق بيهجع ، وأجيز أن تكون ما نافية ، أى لا يهجعون قليلاً من الليل ، بل يحيونه كله على أنه لا صدر لما النافية مطلقاً ، أو ان لم تعمل عمل كان ، او على التوسع فى الظرف ، فيكون ذلك مدحا لهم بنفل يعم الليل ، ولا اشكال فى ذلك ، ولم يطلب ذلك منهم على الوجوب . وقيل : كان قيام الليل كله واجبا ، ثم نسخ الوجوب بعد شهرين ، وكان أبو ذر يعتمد على العصا يهجعون قليلا من الليل ، ويصلون أكثره ، وعن ابن عباس : المعنى أنه قلت ليلة لا يصلون فيها إلا الفرض وأكثر لياليهم الصلاة أول الليل ، أو وسطه ، أو آخره ، وروى أبو داود : أنهم يصلن بين المغرب والعشاء أى فى الليل وقت لا يضجعون فيه ، بل يصلون فيه وقيل : كانوا لا يناموا حتى يصلوا العشاء ، ووقف بعض على قليلا وابتدأ بقوله : { من الليل ما يهجعون } أى مثلهم قليل الوجود ، ولا يهجعون البتة ، وقيل : قل ليل ناموه كله .