Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 21-21)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والَّذينَ آمنُوا واتَّبعتْهُم ذُريَّتُهُم } أولادهم الأطفال ذكوراً أو اناثا ، وقيد الاتباع احترازا عن ان يبلغ الطفل فيكفر ، وعطف اتبعتهم الخ على آمنوا صحيح بلا ضعف ، فلا داعى الى جعله حالا مع تقدير قد ، بناءعلى وجوب قرن الماضى المثبت بقد إذا كان من جملة الحال ، أو بدون تقديرها ، لأن الأصل القرن بها ، والأصل عدم التقدير ، والأصل فى الواو العطف لا الحالية { بإيمان ألحقنا بِهِم ذُرِّيتَهم } فى درجاتهم ، والمعنى اتبعتهم ذريتهم بايمان ما قوى أو ضعيف ، فان الايمان يتفاوت على الصحيح ، وايمان الطفل قد يقوى كما سمعت فى القصص عن بعض الأطفال ، فالتنكير للتعميم ، وان شئت فقل للتنويع . وقيل : يتفاوت الايمان بالأعمال ، ويجوز أن يكون للتعظيم ، لأنه ايمان على أصل الفطرة لم تحدث عليه معصية ولا مكروه ، وعلى كل حال تكون عبادته دون عبادته أبيه ، لأنه غير مكلف الا أنه يجمع بأبويه ليزداد سُرورا به ، وقد قال بعض العلماء يتولى الطفل بولاية أمه ، ولو كان أبوه فى البراءة ، وعن ابن عباس روايتان فى الحلق البالغ بأبيه فى درجته ، لو لم يكن فى درجة عمل أبيه لتقر به عينه ، والذكر والأنثى سواء فى ذلك كله ، ورواية البغوى أن أولاد المشركين فى النار مع آبائهم كاذبة ، وأن صحت فأولادهم البالغون المشركون ليتأذوا بهم . قال ابن عباس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده فيقال له إنهم لم يبلغوا درجة عملك ، فيقول : يا رب قد عملت لي ولهم ، فيؤمر بإلحاقهم به ، أي فيسكنون معه أبداً " ومعنى عمله لهم أنه كان يدعو لهم ، وهذا يكفى ولا سيما أنه قد يهب لهم عملا صالحا فى حياته ، وأقول لا مانع من أن تشمل الآية والحديث البالغ القريب من الطفولية المطيع لله ، ويلحق ابن أمه أمه فى درجتها ان تابت ، وكذا من لمن يثبت له الشرع أباً ، وإن شقى الأب وسعدت الأم رفع اليها ، وسواء فى ذلك كله المهاجرون الصحابة وغيرهم ، ولم يضمر للغربة فى قواه : " ألحقنا " الخ للبيان ، وولد الموحد يحكم عليه بالتوحيد ، وولد المشرك لا يحكم عليه بالشرك ، بل يبطل الشرك ، وقيل : ان أسلمت أمه دون أبيه حكم له بحكم التوحيد ، وأما أولاد المشرك والفاسق ففى الجنة خدم لأهل الجنة ، لأنهم ولدوا على الفطرة ، ولحديث سألت ربى فى اللاهين فأعطانيهم ، وأخطأ من قال : هم فى النار ، إذ لا معصية لهم ، وأخطأ من قال : توقد لهم نار ، فمن دخلها نجا ، لأن الآخرة ليست دار تكليف . وأما ما روى أن خديجة رضى الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد لها من غيره صلى الله عليه وسلم ، ماتوا فى الجاهلية فقال : " إنْ شئت أسمعتك أصواتهم في النار ، وإنْ شئت أريتك تقلبهم في النار " فأولاد بلَّغ ، ولو سمتهم أطفالا لقلنا : المراد بلغ قربوا من الطفولية ، وأما قوله تعالى : { ولا يلدوا إلاَّ فاجراً كفاراً } [ نوح : 27 ] فمعناه لا يلدوا إلا من يبلغ ويكفر أو إلا من يكفر أن بلغ ، كما قال لعائشة فى طفل قالت : انه من أهل الجنة : " ما يدريك ما يفعل إن بلغ " وأما ما روى ان غلام الخضر كافر فان المراد أنه شاب بالغ . { ومَا ألتناهُم } نقصناهم لأجل إلحاق ذريتهم بهم { مِن عَمَلهم } مِن للابتداء ، أو متعلقة بمحذوف حال من المفعول به المجرور بمن التى هى صلة فى قوله : { مِن شَىءٍ } والنقص من العمل إسقاط بعضه ، فيلزم عليه اسقاط ثواب ذلك البعض ، أو يقدر مضاف أى من ثواب عملهم { كُلٌّ امْرىء بمَا كَسَب رَهينٌ } مرهون بذنوبه ، فان تاب منها فك بدنه من اليار كشىء مرهون فى دين يفك اذا قضى الدين ، وان مات غير تائب من ذنوبه دخل النار ، وهذا كقوله تعالى : { كل نفس بما كسبت رهينة * إلاَّ أصحاب اليمين } [ المدثر : 38 - 39 ] فان أصحاب اليمين فكوا رقابهم من النار بما أطابوا من أعمالهم ، وقيل رهين بمعنى راهن ، أى دائم لأن الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ، ومن ضرورته ان لا يُنْقص من ثواب الآباء شىء ، وأنا أعجب من مثل هذا التكلف .