Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 23-24)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يتنازعون فيها كأساً } يأخذ كل من الآخر كأسا بعد شربه كصورة التجاذب بالقهر ، أو الملاعبة ، وليس قهرا ولا ملاعبة ، ووجه هذا التجوز أن النفس تحب اللهو ، وتحب القهر ، فلهم تلذذ بهذا المحبوب دون حقيقة ، واختار بعض أن المراد تجاذب الملاعبة ، كما اعتاد بالندماء ، والكأس الاناء مع ما فيه من خمر أو غيرها ، وشهر أنه الاناء الذى امتلأ خمرا أو كاد يمتلىء ، ويسمى كأسا بلا مائع فيه ، ويسمى ما فيه كأسا مجازا لعلاقة الحالية والمحلية . { لا لَغْو فيها } أى فى الكأس ، باعتبار شربها أى شرب ما فيها ، والذى يتنازع هو نفس الكأس لا خمرها لا بالتبع ، واللغو لا يكون داخل الاناء ، وانما المراد فى شأن من أخذها شرب ما فيها ، فالمراد لا لغو فى شأنها ، أو عندها ، واعتبر أن العربدة والتأثم تكون بشرب الخمر ، ففسر الكأس بنفس الخمر ، والضمير لها بمعنى الخمر ، والكأس مؤنث فيها شىء أولا ، والخمر مؤنث ، واللغو ما لا فائدة فيه من الكلام ذنبا أو غيره { ولا تأثيم } نسبة الى الاثم ، وهو الذنب بكلام يكلم به شاربها مما لا يجوز ، ولا بتحريم شربها إذ لا ذنب عليهم فى شربها ، كما أن فى خمر الدنيا لغوا وتأثيما واقترافا لذنب بشربها لتحريمها ، بل يتكلم أهل الجنة فى حال الكأس بأحاسن الكلام ، ولا يتكلمون بكلام فيه نسبة الغير الى الاثم ، مثل يا سارق ، أو يا زانى ، أو فلان سارق أو زانٍ ، ولا كلام يعد ذنبا كالاشراك ، فينسب اليه أنه آثم { ويَطوف } بالكأس { عَليْهم غِلمانٌ لهُم } خلقهم وملكهم الله جل وعلا ، وغلمان اليهود والنصارى وسائر المشركين والأشقياء ، فهؤلاء خدم أهل الجنة ، وأما أولادهم الذين ألحقوا بهم فهم ملوك فيها لا خدم { كأنَّهم لُؤلؤ مَكْنُونٌ } فى صدفه ، ووجه الشبه البياض وعدم الوسخ بيد أو غيرها ، أو كأنهم لؤلؤ كنه مالكه فى حرز عظيم لعظم ثمنه ، قيل : يا رسول الله هذا الخادم فكيف المخدوم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لفضله عليه كفضل البدر على سائر الكوكب " وغلمان جمع كثرة ، كما يروى أن أدنى أهل الجنة ينادى الخادم فيحضر مائة ألف بابه قائلين : لبيك لبيك ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص : ما من احد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام كل واحد منهم على عمل غير عمل صاحبه .